ما جال في خاطري انني سارسمك يوما دون ان أريك الرسم بعد اتمامه و استمع الى ملاحظاتك إعجابا ام نقدا
تماما كما كنت تبديها لي و انا ارسم اللوحات و البورتريات و الرسوم الكاريكاتيرية التي كنا نؤثّث بها تظاهراتنا السياسية / الثقافية في الحركة الطلابية .
تماما كما كنت اقرا لك محاولاتي الشعرية في رجيم معتوق ، و اتفاعل مع ما كنت تبديه من ملاحظات الشاعر و الناقد في آن ، الشاعر الهاضم لمختلف التجارب الشعرية و الناقد المطّلع على التيارات الادبية و النقدية
تماما كما كنت تصفق و نصفّق معا كلّما انشدت بصوتي المرهق و المتعب اغنية الشيخ "وهبت عمري للأمل " .. تلك التي كنتَ َدائما تعتبرها بيان المسالة الديمقراطية ، غير أنه مصاغ فنيا ، بين وشوشات براّد الشاي بين اصابع الهادي الوريمي ، و بين تنطعات محمد بعرون و تصعصيعه ، و بين شغب الفاضل ، و بين تهويمات سنان الفلسفية و بين تأوهات شكري الصغاري من آلام القرح ، و ولع حنشار باصطياد الثعابين و تحنيطها ، و شوق كمال قرار للبيرة ، و انتشار حبيب الجبو هنا و هناك ، وجدّية فوزي الوسلاتي التي كانت تخفي روحا مرحة ..
ما جال في خاطري يوما ان ارسم وجهك و الاحساس انّه بعيد ، بعيد جدا يحاصرني عند كل لمسة قلم ، و باصابع مرتبكه تنتظر كل ثانية ان تخاطبها لتصلح لها خطأ ما ، في اللون او في الشكل او في الروح
ايّ من وجوهك سارسم ؟
هل المتشنج المثقل بآلامه / آلام الاخر ؟
أم اللطيف الهادئ المتحدث عن عشقه لصوت شهرزاد و صالح عبد الحي ؟
ام مغمض العينين انتشاء بام كلثوم كل مساء اربعاء ... آآآه يا رفيقي الصديق .. هل تذكر موعدنا الاسبوعي معها على انغام الترانزيستور الوحيد الذي كان بحوزتنا في خيمة رجيم معتوق ؟ هل تذكر كيف كنا انا و انت نفتكّه منهم كل مساء اربعاء لنستمع الى ام كلثوم في موعدها الاسبوعي ، كنت مسجّى .. كما اراك الان .. و الترانسيزتور فوق صدرك .. و عيناك مغمضتان .. و كنت انا الوحيد الذي يقاسمك لذة السماع تلك .. بل كنت في داخلي اقول بشيء من الغرابة و الانتفاض .. "كيف لاحدان يعشق ام كلثوم لهذا الحد .. اكثر مني .. ؟؟ "
ايها الرفيق الصديق .. الانيق الرشيق .. الوجوه التي اذكرك فيها و بها لا يمكن عدّها .. شيء واحد وحيد فقط ممكن في هذا الصدد .. هو التفطّن الى الخيط الرفيع الرابط بينها .. وجه المقبل على الحياة .. العاشق لها .. المدافع عنها فكرا و قيما و فنا و ثقافة ..
وجه العاشق للحياة .. حدّ الموت
2 commentaires:
دمت فنّانا مرهف الحسّ براستوس. لو كان شكري بيننا لأعجبه الرّسم مثلما أعجبته قصائدك
شكرا ماهيفا .. سنتصدى لقوى الظلام و ثقافة المغاور الى اخر رمق ..
Enregistrer un commentaire