lundi 23 novembre 2009

حـْـكايات الحومه القديمه 2 : خلتي فاطمه الجــّـريديّة


كنت ديمه نحسّ اللي ثمّه صِــلة ما بين روحها المبثوثه في جوّ الحومه ، و بين روبتها الاعتيادية اللي يبدو انّها ما ترتاح كان فيها هيّ . روبه بسيطه ، سهلة الملبس ، واسعه فيها برشه تـْـكامش ( بْـليـّات) من جهة الصّدر و تهبط منفتحه مرتاحة متداعية تزداد اتساعا كلّما تدلّت الى اسفل ، مــُـعلنة عن اتساع قلبها و رحابة صدرها و قابليتها لاحتواء الجميع.
ما نّجّمش نتخيّلها من غير ما نتخيّل عـْـصَابتها السوداء اللي كانت تكبسها على راسها و جبينها ، تاركة المجال لبعض طـْـعاطش الشيب المـْـحـَـنّــِـية المتحررة من تحت العـصابة من جهة نواظرها باش تشوف النور. و اللي تحتها يستدير وجه ضاحك يخفي ، رغم تجاعيدو ، جمال قديم

ريحتها ديمه مزيج من الحـِـنّة و الفلفل الشايح و السـّخاب و البخور و الحطب المحروق و القطران و العجين ، يعني انّجّمو نقولو اللي خالتي فاطمه الجّريديّة ، و ارتكازا فقط على ريحتها و ريحة روبتها و بيتها ، متصدّية و محتجّه على احد اهم اخطارالعولمة : التدجين والتنميط الثقافي اللي يحب يجعل من العالم الكل كعبة هامبورغر
يعني
خالتي فاطمة الجريدية ، كانت هي المزوّد متاع البخور في الحومه ، و موش ايّ بخور ، البخور الجريدي بالتحديد اللي معروف بريحتو العتيقة المستحبّة ، الوصفة و الدّوزاج و قدّاش يلزمو "صـِـرْغـِـين" و "قــْـمارِي" و "غـَـبرة ْ مـِسْـك" و "عــُـود قرنفل" و "حبّة مـِســْــتــْـكه" ..
. الخ ، بالطبيعة مع حاجات اخرى سرّية ما تعرفهم كان هيّ ، و هاك الاعواد و هاك الجزيئات النباتية المجفّفه هاذيكه الكل ، قدّاش يلزمها تبقى مرنّخه في نوع معيّن من العطر باش تـتـْـشـَـرّبـُـو مليح مليح بشكل انّو في حالة احتكاكو بالنار يخرّج هاك الدخان المعطّر : البخور.
بعد ما تكمّل الخلطة هاذيكة و تخلّيها تشيح (في الظّلّ و من المستحسن بعيد على الضّو كيما تأكّد هيّ) نتصوّر انّها تصلّي الظّهر و الا العصر ، و تعمل سويقــر.
قلت تعمل سويــقر ، علني موش سرّي ، على خاطر، في ثقافة الجـّريد القديمه ، ماكانش عيب على النساء المسنّات الجريديات انّهم يدخّنو ، و كان ثمّة اعتقاد في انّو سيقارو من ساعه لساعة ينحّي القاز ، (او كيما يقولو هوما : ،الهـَـوَا )و يخفّف من ضغط الدّم ، و ينحّي وجيعة الرّاس ، و بطبيعة الحال التعلّة الصحّية هاذي كانو يحبّو يتخفّو وراها باش ما ياقعش اتهامهم بالتشبّه بالرجال او بالتسيّب ، بل بالعكس ، كانو العزايز اللي يدخّنو يتصنّفو في خانة الـ ـ"رّ ُُقـّـِـي" ، و الـ"فينو" بالقياس مع لخرين اللي يستعملو في النـّــف
ـّه . و اللي كانو موضع تندّر و تقزّز من طرفهم .ـ
بعد السويقر ، تبدا في الخلطة الاخرى : الهريسه العربي ، و للهريسه العربي و الفلفل الشايح عند خالتي فاطمة حكاية .. حكاية تشكيل و تلوين .. حقيقةً ً حاجة اخرى.ـ
خالتي فاطمه الجريدية ، و برغم اللي دويرتها صغيرة و بابها ضيّق ، عكس روبتها و قلبها الواسعين ، الا انّو في موسم الفلفل الاحمر، تـُـدَقّ المسامر الكبار في اعالي الجدار الخارجي المقابل للشمس متاع دارها ، و عينك ما تشوف الا الفلفل الاحمر هابط عراجن عراجن .. شماريخ شماريخ .. أكاليل أكاليل ، كعبة بحذا اختها بالخلاف، من اعلى الجدار حتّاش لقريب الارض ، و كي تنعكس فيها اشعة الشمس تولّي تشعل شعلان .ـ
حيط دارها يولّــي بكلّو احمر ، محلاها التصويرة ، قداش
فيها جهد بشري و تعب و صراع يومي و تمسّك بالحياة و رغبة في اسعاد الاخرين ، و قدّاش فيها زادة جماليه تشكيلية عفويّة.ـ
بالطبيعه الفلفل هاذاكه من بعد ما يتشرا ، يتغسل و تــتـْـنحّى منّو القرون الفاسدة و الخامجة و المعلوله ، و ياقع نظمو في خيط كيما العقد الكبير اللي تزيّن بيه رقبة دويرتها ، من بعد تتنحّى زرّيعتو و يترحى ، شي يتبسّس بالزيت و يتباع هكاكه ، و شي ما نعرفش اش تزيدو باش يولّي هريسه عربي.ـ
بحكم اللي دارها كانت مقابله دار الوالد القديمه ، الدهشة اللي انتابتني اوّل مرة نتفاجأ بهاك الجدار المـُـتْـرع بحمورية الفلفل ، تشبّه لدهشتي اوّل مرّة يصبّ فيها الثلج بكميات كبيرة في بلادنا ، وقت اللي حليت باب الدار ماشي للمكتب و نلقى الدنيا الكل بيضه.ـ
ها أنّ الجدران ، عند خالتي فاطمه ، تتّخذ طبائع اخر
ى غـير تلك التي خـَــَبـِـرناها عنها من صّمت و خرس و جمود و موت ، ها أنّها تحمرّ خجلا او سـُـكـْرًا أو غضبا أو حـُـبـّـاً، ها أنّها تنزف دمـًـا ، و من حين لآخر ، و مع كلّ هبّة ريح خفيفة ، تتحرّك تلك الشماريخ ، محدثة خشخشة لطيفة المسمع إثر احتكاكها بطوب الجدار العتيق ، فتبدو كأنّها شعاب من المرجان المتموّجة .ـ
جاش وقيّت ضربان الملسوقه ؟
الملسوقة متاع خالتك فاطمه ماخذة صيت كبير على خاطر مازالت تعمل فيها بالطريقة الزّمنيّة يعني على الكانون و الجّمر ، من غير ما ننسوا كعبة القارص اللي ديمه محطوطه بشكل متجدّد في الكانون للوقاية من الزنزانه
كانت زاده من امهر صانعات السـّـخاب ، و للي ما يعرفوش السّخاب ، هو عجين من عدّة نباتات طبيعية فوّاحة تـُرحي و تمزج بنوع خاص من العطورات و تشكّل في شكل مثلثات صغيرة يقع ثقبها من الوسط و تجفيفها و نظمها بشكل متناسق و تناظري مع الخرز البلّوري الملوّن و بع
ض الاشكال الصغيرة من الفضّة و المرجان ، للحصول على عقد ملوّن و فوّاح ، و كان للسخاب دور مزدوج ، التزيين بوصفو يتلبس في الرقبة ، و التعطير بحكم انّو قدّ ما يشيح قدّ ما تولّي ريحتو مقبوله اكثر .ـ
بالنسبة لصنع السخاب ، السنين الاخيرة نْـقـُـص صـُـنعْـها ليه على خاطر ما عادش مطلوب برشه كوسيلة زينه للنساء ، لكن هاذا ما يمنعش اللي مشهد خالتي فاطمة و هي بصدد اعداد و عجن خلطة السخاب ، من المشاهد المنقوشه في ذاكرة طفولتي ـ على خاطر كنت نحير في هاك البارادوك
س متاع العجين الاسود اللي يشبّه للـغـْـرَمْ (الحمأ المسنون) لكنّ في المقابل ريحتو فوّاحة واكثر من هاذا ، هو معدّ للزينه ، البارادوكس هاذا هو اللي كان محيّرني شويّة ، و هو اللي خلّى المشهد ما ماتش فيّ.ـ
وقت اللي كانت تجبد القربه

المتحجّرة و المتصلّبة طيلة مخبئها الشتوي الجاف ، و ترنّخها في الما باش تـَـطـْـرا ، و تصبّلها كمّية محدّدة من القطران في داخلها ، وقتها نشمّـو ريحة الصـّيف... و كأنّو الصّيف كان متخبّي مع القربه هاذيكة في نفس المخبأ الشتوي.
حضور خالتي فاطمة في الحومه ماكانش فقط لتأمين الاكتفاء الذّاتي في البخور و الفلفل ... الخ ... بل كانت مأمن اسرار الجميع ، و تلعب احيانا دور الخاطبة ، او مجرّد لفت نظر شاب من شباب الحومه الى فتاة معينه بايعاز من امّ الفتاة او احيانا بإيعاز من الفتاة نفسها ، كانت هي مرسا
ل الجارات المتخاصمات لبعضهن البعض ، و كانت رسولة الصلح بيناتهم ، رغم انّها احيانا ما تنجحش في التحلّي بالحياد اللازم لمثل هالمهمـّات ، و تتورّط في انحيازات معينه ، و وقت اللي يغصروها ، تـُـقـْـسم لا عاد تدخل هالمداخل ، و بطبيعة الحال ، ما تنجّمش تكون في مستوى قـَـسـَـمْـها ، على خاطر الكفّ على لعب هالادوار بالنسبة ليها ، يعـني الموت
انتشار روح خالتي فاطمة في الحومه كان يسمح
لها بصفه حصريّة انّها تسألنا نحن الاطفال اسئلة فضولية غير مكترثة بتذمّرنا منها و استنكارنا ليها ، : شنوّة فطوركم اليوم ؟ شكون هاك الجماعه اللي جوكم البارح ؟ باباك عندي مدّة ما نيش نشوف فيه ، ماو لاباس ؟ وين مشى ؟ طلــّش بحذاكم عمّك فلان ؟ و خالتك فلتانه علاش جتكم هاك النّهار ؟ وش جابتلكم في هاك القفّة ؟ الخ ...ـ
و كانت هي الوحيدة اللي نتعاملو مع اسألتها الفضولية هاذيكه بأريحيّة ، كانت تسألنا الاسألة هاذيكه بصوت مرتفع ، و مرتفع جدّا ، ما كنّاش نحسّو في اسألتها حتّى طابع سرّي و الا استنطاقي خبيث ، من نوع التلصّص و الا التنسنيس ، و حتى كيف نتذمّرو احيانا من اصرارها بكل ثقه على انتزاع الإجابات منّا ، كنّا نتذمّرو بشكل سرّي ، وما نلقوش تأييد عائلي لتذمّرنا هاذاكه من امهاتنا ، يمكن على خاطر الكلّهم كانو يتقرّبولها نظرا لطاقتها الخـَـدَمـَـاتيّة ، فيلزمنا احنا زاده نكونو مطيعين ليها ، و ما نتذمّروش من اسألتها الفضوليّة

و بطبيعة الحال ، الاستنتاج هاذا استنتجتو كيف كبرت ، و عرفت اللي خالتي فاطمة كانت تستمدّ في شرعية اسئلتها الفضولية جدا ، من احساسها باللي الحومه الكل
بما و من فيها ، متاعها ، ملكها ، الكلهم بناتها و اولادها و اخواتها الصغار
الكلّهم ماكلين من فلفلها المخدوم و المشيّح و المرحي بغناية و بنظافة فايقة
الكلّهم رمضانهم ما عندوش طعمه من غير ملسوقتها المخدومه عالجمر و عالكانون الطّين
الكلّهم رجالهم ما ينفحوش فيهم و ما تشعلش فيهم الشهوة الّا ما يكونو مبخّرين بالبخور الجريدي اللي هيّ عاملاهولهم
شرارات الحياة اللي كانت تبثّ فيها المرا العظيمه هاذيكه في الناس و في القلوب و في هوا الحومه ، انطفأت منذ ايّام
تاركة مكانها سيطرة رائحة الغبار و الكهرباء
و دخان السيارات و السرفاسار و البلاستيك على جو الحومه
و اهمّ و اجمل حاجة باش نتحرمو منها الى الابد ، بعد رحيل هاك الروح اللي كانت منتشرة بشكل انساني لا مثيل له في الحومه ، هي منظر/ لـَـوحة اكاليل و عراجين الفلفل الاحمر، المرجاننيّ المتموّج ، المنظوم المتدلّي على جدران منزلها النازف.. الخجول… الثّمل.. العاشق .. تحتضنه شمس الخريف .ـ
سوف لن يندهش طفل آخر لذلك المشهد الجميل ، و تمتزج في مسامّ انفه رائحة الفلفل برائحة البخور و الليمون
المحترق في كانون الجمر ، محدثة سنفونية رهيبه ، نابضة لا بالاصوات ، بل بالروائح و بالألوان

******

لمن يريد الاطلاع على "حكايات الحومه القديمة 1 " اضغط ( هنا

mercredi 18 novembre 2009

وَطـَـنيــزم .. ببـّـغائيـــزم


باعتبار ان بعض المدونات ما عندها ما تقول فعليّا
الا انّها تعاود تعرض علينا ببغائيا
و "محفوظاتيا" ـ
فقرات من كلام نسمعو فيه يوميا
و ليليّا
على قناة تونس سبعه و مشتقاتها
فإنّي ، و تفاعلا مع هالتّوجّه التدويني المبارك
نحبّ نسلك هالمسالك
و بهالكليمتين نشارك
ونحبّ حتّى انا ننتقي بعض المقتطفات
من برامج تلفزية منتقاة
مختلفة المضامين و المحتويات و الاهتمامات
و هكّه نضمنو روح التنوّع و الظّرافه
و الاختلاف و الطرافه
في اطار الـ"محفوظاتيزم" ـ
و الـ "ببـّغائيزم"ـ
متاع الـ "وَطـَــنـِـيزم"ـ الجــّــديد
و طـَــوّا :) نبداو
تقول بيّة الزردي في برنامجها " معانا احلى" : هدفنا ادخال البهجة على السادة المواطنين
و يتدخّل مساعدها اخصائي التجميل ابولبابة الانصاري : يلزم قصّة الشعر و لونو تكون متناغمه مع لون البشرة و شكل الوجه
اما علاء الشابي ، فقد اكّد في برنامج المسامح كريم على انّ قلبه الرقيق لا يتحمّل مشاهدة الدّموع
وهو نفس الكلام الذي أكّده شقيقه عبد الرزاق
كما اشارت بسمه صغروني في برنامجها الطّبّي "مع الطبيب" الى انّ الوقاية خير من العلاج
دون ان ننسى ما يتحفنا به معهد الرصد الجوي يوميا من تقارير حول امكانية نزول الامطار بالمرتفعات
و يتألق في الاخير عمّي رضوان عبر تذكيره بانّ الوليدات و البنيّات المشاركين في برنامجو هوما مزيانين
برشه
برشه
برشه

lundi 16 novembre 2009

وطنــيّــات

الوطنية ، هالمفهوم اللي عمّال يتشوّه و عمّال تاقعلو ميتامورفوزات غريبه و قريب باش يولّي الوطني هو اللي ما يعملش صحفه لبلابي مريرتين في الاسبوع عالأقل
و حتى في ابسط مفهوم للوطنية (الـــوطنية = حب الـــوطن) ما ثـمّاش حتى صلة بين الوطنية وبــين شخـص شــادّ منصب سيــــاسي 'لمدة زمنية محددة من المفروض)ـ
الوطنية ، حسب وجهة نظري ، و زيادة على كونها شعور جميل بحب البلد الذي ننتمي له ، هي موقف . بكل ما تحيل عليه كلمة موقف من انحياز و تموقع و صراع ومصالح...الخ
ما شهدو النصف الثاني من القرن الفارط من ثورات وطنية و حركات تحرر وطني من هيمنة الامبرياليات بقيادة لمريكان ، من المفروض تكونلنا فيه دروس كبيرة حتّى مفاهيميّا .ـ
الموقف الوطني مشروط بوجود صراع مع عدو رئيسي يتمثّل في كيان مهيمن/محتلّ/متدخّل اجنبي.ـ
كيما ايّ مفهوم ، مفهوم الوطنية ، ماهوش ثابت بل متحرّك و متحوّل و مستفيد من تراكمات الفكر و التجارب البشرية
مثلا ، و اذا حبينا ننطلقو من تراثنا ، انا نرى اللي"الحماسة القبلية" اللي كان مسرحها الكبير هو جزيرة العرب قبل الاسلام ، ممثلة في واجهتها السياسية (الشيوخ و رؤساء القبائل ...) واجهتها الثقافية (الشعر و البيان و الخطابة...) هي في احد تجلّياتها احدى تعبيرات الوطنية ، الا انّها البنية الاقتصادية و الاجتماعية وقتها و اللي كانت تتميّز بافتقادها لقيادة موحّدة (دولة مثلا) خلّت مفهوم الوطنية كامن في طيات الصراعات و التناحرات القبلية
مع ظهور الاسلام و بناء الدولة ، اصبح الولاء اشمل ، و مجال الدفاع اوسع ، و العلاقة بين الارض و السماء اوضح و اكثر تأثير و حضور
موش كيما مفهوم الوطنية التقليدي المنبني على الحماسة و "حبّ الوطن" و الالتفاف حول زعيم معيّن/قائد/نبيّ/خليفة .. كيما مفهوم الوطنية في اواخر القرن الماضي حيث اصبح مفهوم دقيق و ماهوش عائم في العواطف و المشاعر الملتهبة ، بل خذا ابعاد اخرى ، كيما على سبيل المثال مع تنظيرات ماو تسي تونغ ، حيث تمّ وضع المفهوم في إطار قراءة طبيعة التناقضات اللي تشق العالم ، و تصنيفها الى تناقضات رئيسية و ثانوية ، و جعل مرحلة التحرر الوطني سابقة من حيث الاولوية على مرحلة ارساء العدالة الاجتماعية ، مما يخلّي من مصلحة نواتات البرجوازية الوطنية اللي وقع طمسها و تشويهها و اجهاضها تنخرط في المعركة ضدّ المستعمر
نذكّر اللي هاذا ما عندوش علاقة بمفهوم "الوطنية الاقتصادية" اللي نشأ في فرانسا سنة 2003 و اللي كان يعني اتباع سياسة عامة تهدف الى دفع الفرنسيين شعوب و مؤسسات الى الوقاية من خطر "العولمة" بتشجيع البضاعة المحلية
الامبريالية ، (ما يسمّى بلغة ديبلوماسية مهذّبــة : العولمة) ( بوصفها مرحلة من مراحل تراكم رأس المال ، موش بوصفها كلمة تتقال ياسر في الخطب التحريضية التعبوية) ، تهدف لان تجعل من العالم مجموعة اسواق و مجموعة قوى انتاج تعود فوائضها و ارباحها على اصحاب الشركات العملاقة ، و على الشعوب المقوّدة ان تتقاسم الفتات و الفواضل . و ايّ حركة سياسية و الا فكرية و الا ثقافية و الا فنّية تاقف موقف المناهض و المتصدّي للمشاريع هاذي ، تعتبر وطنية ، و كانت حركات التحرر في امريكا اللاتينية و بعض دول آسيا نماذج عملية ناجحة الى حد كبير

ما نعرفش انا

الملاحم اللي تقادت ابّان الحرب على النازية و الفاشية و الادب اللي تكتب و التحالفات اللي وقعت و الموسيقى اللي تألّفت و الجبهات اللي تكوّنت
وحتى بعيدا على سياقات التحرر و الثورات ، حتى الامم اللي خاضت حروب تحريرية و دخلت مرحلة بناء فعلي ، ما كانتش تتعاطى مع قضاياها "الوطنية" الداخلية بالغمغمة و التستّر و التمويه ، بل بالشجاعة والجراة و الشفافية و تشريك الجميع في التفكير و ابداء الراي وكشف مواطن الخلل و اعطاء الحلول و تحميل كلٍّ مسؤولياتو
ثقافيا ، ما كانتش توصلنا الشحنات القوية متاع موسيقة سيد درويش لولا ولادتها داخل غبابر المظاهرات و لولا انّو مؤلّفها صوتو بحّ ، من حبّ جليله العالمه من جهة ، و من هتافاتو ضد الانقليز من جهة اخرى
ما نتصوّرش اللي كنا انّجّمو نتمتّعوا بموسيقى جان سيبيليس و بيلا بارتوك و غيرهم من اصحاب المدرسه هاذيكه ، لولا حسّهم الوطني اللي يعبق من موسيقتهم السنفونية ذات النـّــَـفــَس الغجري، البلقاني ، و موش من قبيل الصّدفة انّو التيار الموسيقي هاذاكه اسمو التيار الوطني ، و اللي جا مستفيد من الكلاسيك السنفوني الاروبي اما جعل من الفلكلور الوطني تركيبتو الاساسية
باختصار ، منذ ارهاصاتو و تشكّلاتو الاولى ، كان "الصراع" و "التحرر" من اهم العناصر المكونة للنسيج المفاهيمي لمفهوم "الوطنية"ـ
هاذا شويّ من اللي نستحضرو في مخّي كي نسمع كلمة "وطنية" و الا "وطنيون"ـ امّا هالايامات ، ما نعرفش شنوّة اللي جدّ حتى اصبحت الوطنية تعني ان لا تنقد سلوكا معينا لا يتماشى مع القانون و ان لا تطالب بحقّك الشرعي في التعبير و ابداء رايك المخالف و ان لا تحتج على انّو زميلك يتمتع بامتيازات مهنية اكثر منك موش لكفاءة اكثر و انما لانّه منتمي الى حزب معيّن ، و ان تكون مـُـوَالي ميت ، و اكبردليل على موتك هي اسلوب القص و اللصق اللي وقع فيهم اعدام اهم شرط للحياة : الجدل

jeudi 12 novembre 2009

نهاية مــُـخـبر كريــه

بما انّو سي "عـْـلي القــْــصِـير" كـــان من المـُـخبـْـرين الأدعياء الأغبياء ، كان يعتقد انّو اختيارُو لـْــمَحل نسخ الوثائق هاذاكه بالذات ، النـّـكرة ، الضيّق ، المتـّـركن و اللي جاي في زنقة حادة مما يخفّض في نسبة تردد الحرفاء عليه ، و ينقّص من العينين ، كان يتصوّر اللي هاذا الكل كان كافي لضمان السّرّية الكاملة للرسالة/المــَــظلمة اللي جا باش يصوّر منها نسخة ، و اللي عندو نهارات و هو يستجمع في قواه اللغوية (قواه اللغوية الوفيــّة في بدائيّــتها لمستواه الابتدائي ) و يكتب فيها ، و كل ما يكمّل يكتب منها فقرة ، يستسلم شويّه لأحلامو بأنّو الرئيس باش يقرا رسالتو و يــُـنصْـفــو ، و يأذن بإطلاق سـراح ابنو ، و ترجيعـــو لخدمتو ، إحــتراما لكاريار خــَـدماتو في ميدان الأمن الوطني

لكن غبــاؤو المتخبّي تحت كرشو المفلوته ، خلاه ، تحت غمرة احلامو بوصول رسالتو الى الرئيس، ينسى اللي هوّ في يوم من الايام أشرف على عملية استنطاق بل تعذيب (حتّى الموت) أعزّ اصدقاء صاحب محل نسخ الوثائق هاذاكه بالذات

صاحب المحل ، اللي كان مدفوع بحقد قديم على معذّب/قاتل صديقو ، و بـــتكـْـنيك كان أسرع من عينين هالمخبر الغبي ، نــْـسـَـخ نسختين من الرسالة .. وحدة سلّمهالو ، و لخرى استسلم لقرائتها في نشوة غريبة و مزيج من لذائذ التشفــّـــي و الانتقام

.....................

ــ امّا خير الكرافات هاذي و الا هاذيكه ؟ ... انا ظهرتلي هاذي خير .. ماشية مع لون الفيسته .. تره شوف .. باهي هكّه ؟

وهي تمدّلو في الكرافاتات باش يختار .. حسّت بمخّها رعش هاك الرعشه القويّة ..هاك الرعشة اللي تعرفها مليح .. و اللي متعايشة معاها منذ ما يقارب العشرين سنه .. رعشة مصحوبة بوابل من الاسئلة السّرّية الخفيّة .. الاسئلة اللي ريحتها أسف و ندم و احساس بالذنب

ـ"شبيك ما تحمل هاجس الأناقة و لون الكرافات كان كي تجي ماشي باش تقابل رؤسائك ؟ والا ناس زعمه هكّه مهمّـــين "

ـ"عشرين سنه .. كل ليلة نحلم بانّك غدوة باش تخرّجني و الا تسهّرني و الا تعشّيني ، ونحلم بأنّك قبل ما تسألني على لون الكرافات اللي نحبّ نشوفك لابسها و انت معايا .
" لكن خسارة
كل ليله ، احلامي هاذيكه تتبخّر تحت الزّاورة .. مع ريحة ساقيك اللي ما تنطاقش ، المخلــّــطة بريحة النّدوه متاع مقرّ العمل متاعك : الاقبية و الزنزانات .. مجالك المريح لممارسة العقد السّادية متاعك "ـ

ـ" وباش انّـفّـس شويّة على روحي من هاك الريحة اللي تشلغمني بيها كل ليله ، نخرّج راسي من تحت الغطا ، و نلوّج على شوية هوا نظيف ، ونبدا نتنفّس ."ـ

ـ"و كل ما تزيد نسبة نتونة ريحتك ، اللي ارتفاعها مشروط بارتفاع عدد ضحاياك من السجناء و الخاضعين ليك كل ما تزيد معاها حاجتي للتنفّس النظيف"ـ
و بدات مساحات التنفّس متاعي تتــّسع ، من خارج الزّاورة .. لخارج الغرفة .. لخارج البيت .. لخارج المدينه"ـ"

ـ"واللي كنت نتنفّس معاهم ، ما كنتش نطلب منهم حتّى مقابل لا مادّي و لا معنوي .. الحاجة الوحيدة اللي كنت نشترطها عليهم كانت ساهلة برشه : كنت نطلب منهم انــّها تكون ما فيهمش ريحة الساقين اللي ما تنطاقش و الــّلي مخلّطة بريحة النّدوه متاع مقرّ العمل متاعك : الاقبية و الزنزانات"ـ

ـ"عشرين سنه.. و انا نفانتازمي على ريحة ساقين نظيفه ماهيش مخلّطه بريحة النـّدوة و الرُّطــُـوبه متاع اقبية السجون و الزنازين"ـ
"ــ"عشرين سنه .. وانا نخون فيك .. و مع شنوّه ؟؟ مع ساقين نظيفه
"عشرين سنه ... وانا ...........ـ"
ــ عشرين الف مرّة نقلّك الكرافاتات حطّهم وحّدهـــم ... تي فيني الكرافات المخطّطة ؟ تي شبيك سارحه ؟ ماكش معايا ؟ (...)ـ

ــ ما فهمتش انا شبيه مدير الليسي اليوم يأكّد عليّ باش نزورو في بيروه هوّ شخصيا ، و ما ندخلش لبيرو القيّم العام ، ياخي من كثرة مشاكلو الولد ؟؟ تماو هــْـمَــيـّمـَـه .. حطّ ثم تلقى ثم .. طــُـفـْـلـَـه خير منــّو
(...)ـ

...................


ـ"سيدي الرئيس
انّي المسمّى "علي القــْـصِـير" ، أعلم سيادتكم انني قبل ان أتقاعد منذ سنوات قليله ، قضيت اكثر من نصف حياتي في خدمة الأمن و الوطن ، و لم اتردّد لحظة واحدة في الضرب على ايادي المناويئين و المتطارّفين ، انني يا سيدي الرئيس قد افنيت شبابي في التــّـفاني في خدمة هاذا الوطن ، و في التصدي للمشاغبين ، و انني لا اطلب من سيادتكم جزاءا و لا شاكورا و لاكنـّني التمس منكم الإذن بي إطلاق سراح ابني الذي تمّ احتيجازه لدى مصالح الأمن ، و إقافــُـهُ منذ مدة عن عمله كعون حرس مرور، بعد ان تصرّف بطيش و اندفاع الشباب ، فهو لم يكن يعرف الهويّة الحقيقية للسيدة التي كانت تقود سيارتها بتلك السرعة الجنونية امام المدرسة الابتدائية ، عندما تجرّأ و طلب منها رخصة السياقة
سيدي الرئيس
لقد سدّت جميع الابواب في وجهي ، و حتى عندما حاولت مقابلتكم شخصيا اثناء زيارتكم الاخيرة للمدينة ، وقع الاعتداء عليّ بالضرب من طرف حرّاسكم ، و افتكّوا منّي هذه الرسالة و مزّقوها و رموني أرضا و داسوني بأرجلهم و تسبّبو لي في كسور بركبتي اليمنى كما يبيّنها التقرير الطبي المرفق مع الرسالة
سيدي الرئيس
هل يكون هاذا مصير ابني و هل يكون هاذا جزاء خدمتي للأمن كل هاذِهِ السّـــيــنين و جزاء صرامتي و حزمي و قسوتي مع كل من تحدثه نفسه بان يمس من امن البلاد و استقرارها
سيدي الرئيس
اتوسّل الى جنابكم ان تأذنوا بتمكين ابني الوحيد من العودة الى عمله و بإطلاق سراحه فا أنا اعجز عن وصف حالة امّه التي لم يهدؤ لها بال منذ ايقاف ابنها "ـ

صاحب محل نسخ الوثائق ما نجحش في انّو يخفي مشاعر التشفـّي اللي كانت تـنـزّ من عينيه و هو يقرا في رسالة المخبر الغبي ذو الركبة المهشّمه ، اللي كان وراء فقدانو لصديقو الى الابد..
قراها .. تبسّم و زغللت عينيه بالدموع .. و طبّقها و حطّها في جيبو ، و كأنّها قراءة واحدة لا تكفي

.................

ــ صباح الخير سيّد المدير
ــ صباح الخير سي علي
ــ ماو لاباس ، اوّل مرّة تكلّموني في خصوص ولدي ، نشالّة ما يكونش يقلّق فيكم في اللــّيسي ، ماو تعرف بحكم المهنه ، ربّيتو تربية ما كيفهاش ، تربية بنات ، النّفس لا ، كل شي بالوقت ، ما يتكلّمش معايا ، عينيه ما يهزّهاش ، صوتو ما تسمعوش ، من خزرة يذوب ، تسمع كان امشي ..ايجا ..اعمل.. ما تعملش
في الحقيقه استغربت في الاستدعاء ، و زدت استغربت في الطابع السرّي الكبير متاعو .. ماو لاباس ؟ شبيه الوْلـَـد؟

ــ نشاله لاباس سي علي ، اما يؤسفني باش نعلمك اللي ولدك توّ للمرة الثالثة يضبطوه القيّمين بصدد ممارسة الشذوذ في مراحيض المعهد ، و الشذوذ السـّـلبي بالتحديد ... و يظهر اللي الاستدعاءات البريدية اللي بعثناهالك برشه مرات ما كانتش توصل فيك ، يمكنشي الوليّد يتعرّضها في الثنيّة و يقطّعها .. على كل ، احتراما لمركزك الحسّاس ، حبينا نعلموك بشكل ودّي و سرّي باش تراقب الوضعية و تعمل اللازم و نتعاونو مع بعضنا على حماية الوليّد من الإدمان على مثل هالممارسات ، و علاش لا ، تعريضو لسلسلة حصص علاج نفسي بمساعدتك ، على خاطر، ماو تعرف ، الاخصائيين النفسانيين يقولو اللي نسبة كبيرة من مثل هالميولات الشاذة تكون وراها علاقات موش سويّة مع الأب او مع الأم من ناحية الاكتفاء العاطفي في فترات معينة من السّن

................

الولد ما رجّعوهش لخدمتو ، حــْـرق لأوروبا ، و عايش مثـليــّــتـو المعلنه هناك
و الزوجة ... متمزّقه مابين حالة الحزن على الإبن المفقود .. و حالةال قرف من رائحة الساقين المخلّطة بريحة كهوف الزنازين المنـدّيــه ... و حالة الأسف كلّما تتذكّر مغامرة من مغامراتها القديمه .. مع .. الساقين النظيفه

هاذاكه علاش أوّل رغبة يثيرها فيك "علي القصير" وقت اللي تشوفو في البلاد .. حتّى لاوّل مرّة ، هي الرغبة في انّك تبصق عليه

اربيكا ... دروس

كنت نتمنّى يكون تفاعلي مع ما تعرّضتلو ارابيكا اكثر من مجرّد تعليق لوقو ، و الا بثّ المعلومه لبعض الاصدقاء المدونين من دول" شقيقة" كمحاولة بسيطة لكن موش يائسة لكسب تضامنهم و توسيع دايرة الاحتجاج و هاذا هام ، لكن ظروف النّات عندي ما سمحتش بأكثر من هكاكه

الازعاج الكبير اللي تعرّضتلو ارابيكا ، يسمح باستخلاص برشه دروس فيها البديهي العام اللي لاضرر من اعادة التذكير بيه ، و فيها اللي فرضاتو خصوصية البلوغسفير في الفترة الاخيرة

من اهم الدروس اللي لا ضرر من التذكير بيها
ـ كلنا مستهدفون .. و جميعنا ليس في مأمن مما تعرضت له ارابيكا
ـ اللي تعرّضتلو ارابيكا يزيد يوضّح الطريق قدّامنا ، و قدّام ايّ واحد يحبّ يتكلّم و يتنفّس في هالمجتمع الافتراضي الصغير .. لكن اللي قاعد يكبر.. بمعنى انّو وقت اللي الواحد يعاين شنوّة اللي يستنّى فيه ، يا يبطّل يا يزيد يقوى
ـ الانتهاك اللي يتعرّضلو النشاط التدويني (حجب .. صنصرة .. و توّه اعتقال و تحقيق ... ) يلزمو يدفعنا للتفكير بجدّية في تأطير قانوني للتدوين
ـ مواجهة الذّات و نقدها (و لا استثني احداابتداءا بالعبدوللــّه) في كل ما من شأنو انّو يبتذل التدوين (الاسفاف في المضامين ، وصاية بعضنا على افكار البعض تحت يافطة" نقد المعتقد" .. صحيح .. لكن زاده .. و في الكثير من الحالات تحت يافطة "الدفاع على المعتقد"، الانغلاق و فقدان رحابة الصدر لتقبّل الراي المخالف ، عدم القدرة على الالتفاف (ولو ظرفيا) حول محاور يمكن ان تجمع الجميع ( و نعطي كنموذج : فشل التجربة هاذي
* ـ بعض المدونين اللي "استقالو":) من مدّة .. ريناهم كانوا حاضرين بشدّة في حركة التضامن مع ارابيكا .. اكبر دليل على انّو التدوين عندنا ، تحت خمولو ، موجودة العديد من الشرارات و القبسات اللي يمكن انسحبت تحت تأثير السلبيات اللي ذكرتهم في النقطة السابقة

هاذي بعجالة بعض النقاط اللي ينجّمو يكونو منطلق للحديث و للتفكير
و للحديث بقية

vendredi 6 novembre 2009

الحرية لفاطمة ارابيكا

الحرّيـــــة لفاطمة ارابيكا




free Arabicca




liberté pour arabicca





jeudi 5 novembre 2009

ترحيب و تذكير

اصدقاءنا المحرَّريـــن
لم تستهينوا باهاليـــكم .. فنلتم شرف السّــَجن
و لم يستهن أهاليكم بكم .. فنالوا شرف تحريركم
و لئن فضّل الآخرون إحداث الصلة بين الافراج عنكم و بين اليوم السابع من هذا الشهر
فإنّني من الذين يفضّلون ربط الافراج عنكم باليوم الـــرابع ، يوم حرية التدوين
معا
من أجل الافراج عن كل مساجين الرّأي
و من اجل الكفّ عن حجب المدونات
مرحبا بكم بيننا