اليوم تمرّ عشر سنوات على رحيل والدي عن عالمنا..و سفره بعيدا..بعيدا.. وراء النجوم
كان ذا شخصية طريفة جدا...أبرز ما كان يــمـيّــزهـا: الوضوح التامّ..لحدّ الإزعاج و الإحراج أحيانا
عندما أستعيد شريط صوره و مواقفه و حالاته في ذاكرتي ، أجزم أنّه لم يحدث أن رأيته متلبّسا بوضعيّة النّميمة ، بقدر ما أذكره مواجها..مصارحا..مباشرا..بطريقته الحادة بل..القاسية
لم يكن يمنعه أي شيء.. من قول أي شيء.. لمن يريد.. متى يريد.. و كيفما يريد..وليذهب العالم كله بعد ذلك إلى الجحيم
وراء ظاهره المتصلب العـنيد الجاف...كان يخفي قـلبا حنونا.. طيبا.. حسّاسا..غيرأنّ الآباء غالبا ما يتعمّدون إخفاء طيبتهم ..ورقّتهم.. وحنــّيــتــهـم.. و كأنّ صورة الأب لا تكتمل إلّا بالجـبين المقطـب..و الوجه العابس..و الصرامة المطلقة..و إلّا ، فلماذا كان يستمع إلى ام كلثوم و صالح عبد الحي... خلسة ؟؟؟؟
لكنّ "محــدّثــكم" أصغر أبنائه..المشاكس..تفطّن الى الجوانب الليّــنة..النديّـــة..المفعمة بالحب..الحب المحتشم..المتخــفّــي...بين ضلوعه ..و نفض عنها الغـبار..و لذلك.. كان في آخر أيامه معي على عكس ما كانه مع الآخرين
كان كثير الإهتمام بشؤون السياسة..دائم الحديث عن أوضاع العرب..بحماس كبير..و بحرقة عالية عمّا آلت إليه أوضاعنا من إذلال و مهانة و قهر
المرة الأولى و الأخــيرة التي رأيته فيها باكــيا بألـم شــديد ..دافــنا رأسه في المذياع العـتـيـق..كـانـت يـوم وفـاة الزعــــيم جـمـال عـبد الـناصر..الذي كـان والدي مفـتـونا بـه لـدرجة انه عـلـّق صورته بجانب صورة أبيه(جـــدّي)، كان يقول لي : هــذا أبي ، و ذاك ..مشيرا إلى صورة عبد الناصر..أب العرب جميعا
كانت دموعه تلك ، أوّل درس أتلقّاه في حياتي عن معاني الوطنية ..والحرّية..و الكرامة
و كان درسا جميلا..لأنّه لحظتها لم يكن واعيا أنّه بصدد تلقيني ذلك الدّرس..فدروسه الأخرى لي..ولباقي إخوتي..بقدر ما كانت اصعب اللحظات .. فقد كانت أنفع اللحظات و أكــثـرهـا فـائدة...رغم أنّها غالبا ما تنتهي بتدخّل الوالدة لفضّ النّزاع :) و مسح الدمــوع :) و إقناعه بتأجيل درس الحساب اللعين إلى يوم الـــغد :)
والأهمّ من كلّ هذا أن والدي ، من حسن حظّه و حظّنا ، لم يـــوسّمه أحد
كان ذا شخصية طريفة جدا...أبرز ما كان يــمـيّــزهـا: الوضوح التامّ..لحدّ الإزعاج و الإحراج أحيانا
عندما أستعيد شريط صوره و مواقفه و حالاته في ذاكرتي ، أجزم أنّه لم يحدث أن رأيته متلبّسا بوضعيّة النّميمة ، بقدر ما أذكره مواجها..مصارحا..مباشرا..بطريقته الحادة بل..القاسية
لم يكن يمنعه أي شيء.. من قول أي شيء.. لمن يريد.. متى يريد.. و كيفما يريد..وليذهب العالم كله بعد ذلك إلى الجحيم
وراء ظاهره المتصلب العـنيد الجاف...كان يخفي قـلبا حنونا.. طيبا.. حسّاسا..غيرأنّ الآباء غالبا ما يتعمّدون إخفاء طيبتهم ..ورقّتهم.. وحنــّيــتــهـم.. و كأنّ صورة الأب لا تكتمل إلّا بالجـبين المقطـب..و الوجه العابس..و الصرامة المطلقة..و إلّا ، فلماذا كان يستمع إلى ام كلثوم و صالح عبد الحي... خلسة ؟؟؟؟
لكنّ "محــدّثــكم" أصغر أبنائه..المشاكس..تفطّن الى الجوانب الليّــنة..النديّـــة..المفعمة بالحب..الحب المحتشم..المتخــفّــي...بين ضلوعه ..و نفض عنها الغـبار..و لذلك.. كان في آخر أيامه معي على عكس ما كانه مع الآخرين
كان كثير الإهتمام بشؤون السياسة..دائم الحديث عن أوضاع العرب..بحماس كبير..و بحرقة عالية عمّا آلت إليه أوضاعنا من إذلال و مهانة و قهر
المرة الأولى و الأخــيرة التي رأيته فيها باكــيا بألـم شــديد ..دافــنا رأسه في المذياع العـتـيـق..كـانـت يـوم وفـاة الزعــــيم جـمـال عـبد الـناصر..الذي كـان والدي مفـتـونا بـه لـدرجة انه عـلـّق صورته بجانب صورة أبيه(جـــدّي)، كان يقول لي : هــذا أبي ، و ذاك ..مشيرا إلى صورة عبد الناصر..أب العرب جميعا
كانت دموعه تلك ، أوّل درس أتلقّاه في حياتي عن معاني الوطنية ..والحرّية..و الكرامة
و كان درسا جميلا..لأنّه لحظتها لم يكن واعيا أنّه بصدد تلقيني ذلك الدّرس..فدروسه الأخرى لي..ولباقي إخوتي..بقدر ما كانت اصعب اللحظات .. فقد كانت أنفع اللحظات و أكــثـرهـا فـائدة...رغم أنّها غالبا ما تنتهي بتدخّل الوالدة لفضّ النّزاع :) و مسح الدمــوع :) و إقناعه بتأجيل درس الحساب اللعين إلى يوم الـــغد :)
والأهمّ من كلّ هذا أن والدي ، من حسن حظّه و حظّنا ، لم يـــوسّمه أحد
5 commentaires:
allah yarahmou
merci pour le sentiment..
et encore pour le passage ;)
Désolée Brastos, j'espère que tes sentiments seront pour toi une motivation et non pas un obstacle.
والدك لقنك دروسا كثيرة في الحياة... وترك لك ذكرى جميلة بعد رحيله
@ maheva et jollanar
merci pour la visite
Enregistrer un commentaire