lundi 10 mars 2008

ملاحظات حول العلمانية

عندي مدة نتابع في النقاش الداير حول موضوع العلمانية ، في مستوياتو الزوز : العلمي النظري ، و المشخصن . المستوى لولاني ، كان جدّ مفيد و اعتقد انو الكثير من المدونين يشاطروني الراي هاذا ، لانو مهما تكون قناعتك بفكرة معينة ثابتة و صلبة ، فانّو النقاش فيها يزيد يـُنعشها .. اذا كاني سليمة و "صحيحة" و الا يقوّمها اذا كان فيها بعض العثرات ، و بالطبيعة هاذا ما يتم – و هنا باش نعرّج شوي على المستوى المشخصن– الا في ظروف نقاش نزيهة و جدّية و بعيدة كل البعد على امراض التعالي، و تقزيم الآخر ، و رمي النعوت في حالة هستيرية من تضخم الأنا ، و ادّعاء التفرّد بامتلاك الحقيقة ، اللي اقل ما تنجم تعملو انها توتّر الاعصاب و تعمل سْـتـْـرَاسْ بلا فايدة
و تفاعلا مع كل اللي ساهمو في النقاش ، حبيت نسوق جملة من الملاحظات
نتصوّر اللي الانطلاق من بعض المصطلحات اللغويّة يعاون بشكل كبير في توضيح مفهوم العلمانية ، و يساهم في ازالة الخلط الواقع بينها و بين اتجاهات فكرية و فلسفية اخرى
Secularism
فصل الدين عن الدنيا / عن العالم الذي نعيشه ، و من هنا جات "العالمانية " ثم "العلمانية" . و لا علاقة ، كما يـُعتقد ، للـ : علمانية بالـ : علم ، كشكل من اشكال الوعي البشري المعارضة للدين . و في المسيحية موجود ما يسمّى بالانقليزية بـ:
Secular priest
و اللي تعني القسّ اللي ما عندوش مؤسسة و الا نظام كنسي محدد يخضعلو ، فهل يجوز ان نطلق عليه : قسّ ملحد ؟؟ا
من اللامعقول إذن اننا نحطـّـو: العلماني و الملحد و اللاديني و الدّهري و الديمقراطي في شكارة وحدة اسمها : الكفر ... فقط لانهم وقفو موقف مقابل لشعار "الحاكمية لله" و ما دون ذلك فهي ردّة
و الفكرة هاذي على بديهيتها و بساطتها ، الا انها مهمة برشه في إزالة الخلط الحاصل بين العلمانية و الالحاد. و حتى وان كان اكثر المنادين بالعلمانية هم لادينيين ، فهذا لا يمسّ جوهر المفهوم في شيء .. بل بالعكس تراثنا يزخر بالارهاصات و القبسات النيّرة ، اللي حتى وان ما بلورتش مفهوم و برنامج علماني صريح ، فانّها في ملامحها العامة ، لامست و راكمت و تقاطعت مع جوهر المفهوم الحديث للعلمانية ، في انسجام و تناغم مع ما وصل اليه الفكر و الوعي البشريين في عصورهم ، ابتداءًا من فكر ابن رشد اللي انتصر للعقل ضد النقل ، الى محمد عبده اللي نصّ في البيان التاسيسي للحزب "الوطني" على انو حزب سياسي لا ديني ، وقت الثورة العرابية في مصر.. مرورا بالطاهر الحداد، اللي حتى من خلال عنوان كتابو ، نلمسو ايمانو بالتعارض و التضاد بين الصفة المطلقة لاحكام الشريعة ، و ضرورات تطور المجتمع .. و مرورا زادا ، و علاش لا ؟؟ بفنان الشعب سيد درويش اللي كان من الجرأة و التقدّمية بمكان ، وقت اللي قال في نشيد : قوم يا مصري كلام كيما هاذا :
مسلمين ايه .. قال نصارى .. و ايه يهود ؟؟؟
دي العباره : نسل واحد مالجدود"
و بالتاكيد هالانفاس المتنورة و غيرهم ، ما انّجّموش نطلقو عليهم صفة العلمانية بطريقة ميكانيكية دوغمائية فجّة كيما يقولو الفرانسيس
Tiré par les cheveux
لكن ، كيما أسلفت ، اسّـسو لوعي نقدي متقدّم في علاقة الدين بالدولة و بالتشريع و بالسياسة ، نابع من مشكلات و قضايا محلية .. وطنية .. تخصّنا احنا و بعيده على الكنيسة
و من هنا تولّدت فكرة اخرى ، انّو الاسلام في جوهرو علماني ... و هي فكرة بقدر ما تصدم و تستفزّ كل من لم يتسلح بالموضوعية و التعاطي الايجابي مع الفكر المقابل بعيد على الاحكام القبلية و الانغلاق داخل صندوق المقدس ،الا انها جديرة بالمزيد من الدرس و الاهتمام ، و اصحاب الفكرة هاذي ينطلقو اساسا من: غياب الكهنوت في الاسلام ، بمعنى غياب مؤسسة دينية تقوم مقام الوسيط الرسمي بين الناسوت و اللاهوت ، بين العابد و المعبود ، و زادا من انّو ثمّه فعل عقلي حكيم في تراثنا ، اما متخفّي ورا علوم الحكمة و الكلام و الفقه ، و في نظري انّو هالنقطتين هاذوما هوما اهم مقوّمات العلمانية : نفي الدور السلطوي للدين ، و اعمال العقل البشري في سنّ القوانين و الدساتير و الاحتكام لها

4 commentaires:

Tarek طارق a dit…

ملاحظات في بلاصتها بما في ذلك حول الشخصنة... الأسلوب إلي قاعد يتكرر و أنا واحد من الناس قررت بش نتجاهلو من مدة توة... بالنسبة لصلب النقاش و النقاط إلي أثرته.. فإني أولا نحب نقول إلي في جميع الأحوال نعتبرها مهمة لأنها تهدف أنها تقدم بالنقاش...

ثانيا: طبعا مبدئيا ما فماش ما يمنع المتدين من أنو يكون علماني.. و طبعا نظريا العلمانية ما يلزمش تعني الالحاد أو اللادينية أو غيرها... لكن في الظرفيات الواقعية إلي عاشتها البشرية و نعيشوها الوضعية مش بالوضوح و الصفاء إلي تحيل عليه المبادئ النظرية... و إذا نحبو نهتمو بواقعنا بالتحديد يعني التونسي و الواقع العربي عامة فإنو فمة علاقة قوية بين تبني الرؤية العلمانية في الوقت الراهن و الأطراف إلي تتبنى رؤية لادينية بشكل عام سواء كانت ملحدةأو غنوسطية أو غيرها من أشكال التفكير اللاديني... و العلاقة هذية ماهياش انطباعية بل عندها أسباب... و هذاكة علاش هي مهمة و أهم من البناء النظري للعلمانية.. لأنها تنزل المطلب العلماني شمن ظرفيتو السياسية و الفكرية الواقعية... و أنا في رايي هذية الزاوية إلي يجب النظر بيها للمطلب العلماني مش البناءات التجريدية متاع علاقة العلمانية بالفكر اللاديني...

ثالثا، العلمانية ليست تطابقا مع العقلانية... هذية رؤية تعرضت لما يكفي من النقد من قبل تيارات مابعد الحداثة و حتى من قبل بعض الحداثيين (أشرت لبعض المراجع في الموضوع هذاية في المقال متاعي في مجلة الآداب)... كيفما زادة العقلانية و تطبيقها العملي لا يعني أنها في تضاد مع الدولة غير العلمانية يعني الدينية... المسألة مرة أخرى ما تتقررش من خلال عوامل نظرية بل من خلال السيرورة التاريخية و أمكانات تحقق العلمانية من عدمها... العقلانية هي مقاربة منهجية قبل كل شي مش نظام حياة...

رابعا: الدولة غير العلمانية نعيشو فيها نحن توة في تونس... و هي ليست بالضرورة دولة الحاكمية لله بمعناها الوهابي القاعدي... بل هي أقرب للدولة غير العلمانية إلي عشناها في تاريخنا منذ قرون... وين الأمير عندو الكلمة الفصل على حساب الإمام... مقابل تكليف الأمير بشكل انتقائي الإمام و الأئمة بالملف القضائي و تشريع السلطة عبر الخطاب الديني (كنت تعرضت للعلاقة هذية بشكل أكثر تفصيلية في مقالي في مجلة الآداب)... يعني مرة أخرى هذاية مثال على أنو الواقع معقد أكثر من المفاهيم إلي ممكن تكون عنا و إلي ممكن تصور العالم أحيانا في صيغة الأبيض و الأسود

خامسا: موضوع غياب المؤسسة المركزية (مثل الكنيسة في المسيحية) في الاسلام موضوع يأدي لاستنتاجات مختلفة بل متناقضة أحيانا... كيفما أشرت في المقال متاعي فمة شكون يعتبر إلي هذاكة يدل على أنو الإسلام أكثر صعف لكي يقع توظيفو سياسيا مقابل أنو التراث الكنسي أدى لاستقلالية السلطة الدينية عن السلطة السياسية.. في المقابل فمة شكون يعتبر غياب المؤسسة المركزية يتناسب مع إمكانية وضع الاسلام على هامش السياسة... أ،ا يظهرلي الموضوع ما يقعش حسمو بشكل نظري (يعني من خلال حجج منطقية) بل من خلال كيفاش تم الأمر فعلا: هل كان غياب الكنيسة عبر 14 قرن مدخل لدعم الحضور السياسي للاسلام و إلا؟ يظهرلي الجواب فعلا معقد... لأنو صاور الزوز حاجات... مما يعني حسب رايي إلي هو موضوع ثانوي أمام مسألة أخرى إلي هي حاجاتنا السياسية و الفكرية المتغايرة و تأثير لاعبين إجتماعيين معينين في كل مرحلة تاريخي هي الأشياء إلي تحدد مدى تأثير ماهو موجود و غير موضجود في الاسلام كبناء نظري في الـاثير على سيرورة الواقع... لهذا في رايي نرى أنو من المبالغ فيه أنو نعتبرو الإلاسم علماني لأنو الاسلام تجربة تاريخية أكثر منو نظام قوانين ثابتة و مجردة

تحياتي براستوس

brastos a dit…

اهلا و سهلا .. و شكرا على الزيارة
في خصوص ضرورة طرح العلمانية من جوانبها العملية .. ملاحظتك مهمّة .. مع انّو ضروري التذكير بانّو لكل واقع خصوصياتو الدقيقة الى حد التعقيد احيانا، و اللي تستلزم – من الناحية المنهجية و العملية- تعامل مرن و خلاق غير مسقط و غير مُــقـيْـصر ان جاز التعبير ، مع القناعات النظرية .. و هاذا ما يتمّش بمعزل على "البناءات التجريدية" .. بل بالتوازي معاها .. لانّو في واقع خصوصي كيما واقعنا .. اللي يتميز –ثقافيا- بالتصاق كبير للديني باليومي ، ضروري توضيح المفاهيم
و موش لانّو وقع التفريق و أ ُ زيل الخلط بين العلمانية و الالحاد في ذهن مجموعة من الباحثين و الا الاكادميين الجادين ، باش يولّي التركيز على التحديد النظري للمفهوم غير ذي جدوى
نتفق معاك في انّوالعلمانية ليست تطابقا مع العقلانية ، هذا اكيد ، لكن لا يجب نفي ان العقلانية هي اهم مكونات النسيج المفاهيمي للعلمانية من حيث الافلات من الاحكام اللاهوتية لصالح العقل البشري في سن القوانين و الدساتير..

في باقي تعليقك اثرت عدة نقاط، على اهميتها .. تحيل على تساؤلات اخرى و تفتح ابواب اخرى للنقاش : اهمها بعجالة :

"خوف" خفيّ ، نلمسو في تدخلات العديد من الوخيان من عدم امكانات تحقق العلمانية لانعدام النضج المجتمعي لذلك .. هالـ : "خوف" يذكرني ، مثلا ، بالتيارات الفكرية اللي تصدّت للفكر الاشتراكي عموما ابان ولادتو "خوفا" من رفض "الناس" ليه انطلاقا من "انانية" الذات البشرية...

ثم انو هالواقع الخصوصي ، اللي يمكن يحـُـول دون امكانات تحقق هذا المطلب او الشعار، يتميز صحيح بـ "اسلام سياسي مقاوم" (مع ضرورة التحري هنا في مفاهيم كيف هاذي ، خاصة في الناحية التاريخية ، بعيدا عمّا تسمّي به هذه الحركات نفسها) .. علما واني انا شخصيا من الناس اللي يؤمنو انّو في لحظات محددة من الممارسة السياسية ، لا تهم المرجعية الايديولوجية النقيّة الصافية الوفية للكتب وفاءًا نصّيّا مقدسا لا حياة فيه ، بقدر ما يهم البرنامج السياسي المستجيب لآليات تلك اللحظة . اقول : هالواقع الخصوصي يتميز كذلك بـ "اسلام سياسي آخر تكفيري ، احادي ، نافي للاخر، تصفوي ، خطير "
فاي ّ الاسلامين – واقعيا- ، سيحدد
امكانات رفع الشعار من الغائه ؟؟
بالتالي هنا ، اذا كان الوضوح النظري ما يحددش الحاحية المطلب ، فانّو اعتماد مكونات الواقع فقط ، دون قراءة موضوعية دقيقة نظريا ، ايضا لا يقرر ذلك


ايّ دور للنخب المثقفه ؟؟ الانخراط ضمن السائد و تأبيدو ؟؟ ام قراءة الواقع و الانتباه الى جوهر الصراعات اللي تشقّو .. و حتى الاستشراف احيانا ، اذا كان لها من الملكات ما يمكنها من ذلك ...؟؟؟ا بطبيعة الحال ، النخب لا تتحرّك انطلاقا من اهوائها الخاصة ، .... رغم انو البعض من نخبنا المثقفة .. هي بيدها في حاجة لنخب إلترا- مثقفة .. باش تستعيد دورها :)

تحياتي طارق .. ومرحبا

Anonyme a dit…

! على الأقل الواحد لقى وين يكتب كلمة معاكم !

تعليقات بالجملة
مصيبتي لساني طويل و ما نعرفش نكتب بالشوية !

1- العـــلمانية و ربي : العلمانية ما جاتش فقط بفصل الدين على الدّولة، بل وصلت ألي تأليه الأنسان نفسو. و الأنسان ! إشكونو هو ؟ ما هو خليفة الله في الأرض ! هاهي ولات العلمانية طريقة من الطّرق للوصول للحقيقة ! طلعشي ربي علماني ماية في الماية و أحنا هوما الي إنهزو و نفظو من الصباح باش ما إنقولو حتى شيئ ينفع البلاد

قاسم

brastos a dit…

@ قاسم

المعادلات اللي تضمّنها تعليقك..في حاجة للمزيد من الوضوح و التوضيح
على خاطر العلمانية ما يقابلهاش ربي من الجهة الاخرى كيما تقول انت .. بل يقابلوها بشر يحبّو يحكمو ..اما يحبّو يحكمو باسم ربي
و من هنا تجي نسبيّة "ما ينفع البلاد" ..
كل واحد عندو تصوّر لذلك..
ففي حين ثمه اشكون يرا اللي ما ينفع البلاد هو القضاء على الفوارق الاجتماعية و تحقيق توزيع عادل للثروات و توفير فرص العمل للجميع .. و تكريس قيم حضارية و ثقافية قايمة على اساس احترام الانسان لاخيه الانسان بمعزل على جنسو والا دينو الخ ... ثمة اشكون يرا انو برنامج اخلاقي ديني
شعائري .. كافي باش ينفع بيه البلاد

تحياتي