dimanche 24 mai 2009

من حكايات الحومه القديمه : رزوقه الميت

يصادفونا في حياتنا ناس ماهمش كيما لخرين ، عندهم ما يتحكى عليهم .. يتميّزو بمحطات طريفة ياسر و مختلفة و نادرة الوقوع ، و خوفا من انّها هالحكايات تتلاشى معاهم ، حبيت نرسي تقليد في المدونه نسمّيه : "من حكايات الحومه القديمه" ... ناخذ فيه كل مرّه شخصية و نحاول نعمللها بورتري .. اما هالمرة بورتري مكتوب ماهوش مرسوم
من بين هالنماذج
رزوقة الميت
هاذا اسمو اللي الناس الكل تناديلو بيه ، اما قليل منهم اللي يعرفو سرّ هالتسمية هاذي اللي خلّات رزوقة ، من خلال مجرّد نطق اسمو، يكون اقرب لعالم الاموات منّو لعالم الاحياء
الاسطورة تقول : منينو صغير، طاح ، حاشاكم ، في بالوعة (روقارة بلوغة الاوناس توّ) ومات .. للحظات .. و عاود حــْـيا
كنّا ولاد حومه ، انا وقتها صغير ، هو ما يفوتنيش ببرشه في العمر ، عامين و الا ثلاثه ، امــّا يفوتني ببرشه في التشيطين و البلا و الفيقه و الهمله و الخبرات وغيرو .... :) ـ
اللي نتذكّرو انّو قايلة من القوايل ، الناس الكل تلمّت حول البالوعة(الروقارة) هاذي ، ثمّه مجموعة من الكبار قاعدين يحاولو يجبدو فيه منها و هو راسو مطيّش لتالي و ماهوش متحكّم في روحو
انا كنت نسترق في الفرجة من خلال الفراغات اللي بين ساقين الناس الكبار و الطوال اللي كانو اقرب منّي لفوهة البالوعة .. الروقارة ، ركح الاحداث ، امّا كنت نفهم في اش قاعدين يعملولو من خلال ما كنت نسمع فيه من جــُمل من نوع : زيد اجبد ، شدّو من ايديه ، دايخ ؟ ايه دايخ ... الويلو ايدية و را ظهرو .. ايه .. هكاكه .. زيد اجبد بالشويّ ..الخ
جبدوه .. وهو مرخوف دايخ مسلّم امرو ، و دخّلوه للدار و جات امّو اللي رمت روحها عليه و انخرطت في سلسلة متاع بكا و صياح و تخبيط و نديب ، و هو مطيّش قدّامها لا حياة لمن تنادي
الناس الكلّ انطلت عليهم فكرة انّو مات ، و زادت النّدّابه اللي عملتها امّو ، و الشّوهه اللي عملوها خالاتو و عمّاتو و اخواتو ، مهمشت الناس و ما خلّتــلهمش فرصة باش يتأكــّدو
خوه اللي اكبر منّو ، كان يبكي بصوت رجالي مرعب ، و كان يهزّ في التراب و يرمي على وجهو و على راسو ، و الناس شادّينلو ايديه و يصبّرو فيه
اختو الكبيرة .. كانت تبكي زاده نهارتها
امّا و انا نتفرّج عليها و هي تبكي ، ما منعتش روحي من التفكير في سؤالها الدّائم ليّ كي تطّرّف بيّ وحدي : انا باهيه ؟؟ مزيانه انا ؟؟ ـ
ما نعرفش شنيّة اللي كان يمكن يقنعها في إجابة طـِفل كيفي مازال ما يفهمش في زين النــّسا و مازال ما بداش يتسـْـحِـر بيه ، لكن ، ونظرا لكـَوْنو اسئلتها اللي من النوع هاذاكه اصبحت اعتيادية ياسر في الحومه ، و اصبحت موضوع تندّر الفتيات الجميلات بالحق ، فإنّي كنت ديمه نجاوبها ، بطريقة متاع تبرويل ، متاع واحد يحبّ يتخلّص "ايه باهيه باهيه"ـ
كنت مدهوش في هالحدث اللي كان كبير على مخّي وقتها : لا يزّي موت ، لايزّي موت جارنا و تقريبا صاحبي ، البكا متاع الكبار كان مفاجأني خاطر كيما تعرفو الصغير يدهش وقت اللي يشوف الكبير يبكي
كنت نتفرّج على امّي اللي كانت من بين الحاضرات المعزّيات ، و اللي كانت تبكي حتى هيّ، اما للحظة تهيـّألي ، بحدس الاطفال المخيف ، انّها تتظاهر بالبكاء ، و ماهيش صادقة في بكاها ، خاطر وقتها نعرف اللي هي كانت تكره رزوقة كره شديد بسبب تشيطينو، كان ديمه يتحيّن الفرصة اللي يلقى فيها باب فيراندتنا محلول باش يدخل يقلّع كعبات القرنفل متاع والدي اللي كان عامل عليهم كيف ، و يهزّهم يعملهم في باقه فيها انواع اخرين مسروقين من فيراندات اخرين ، يتقرّب بيهم للمعلمين ، و ناكل انا الصّطاكه من عند الوالد اللي يمشي في بالو انا هو اللي نحّيتلو قرنفلاتو
في لحظة من اللحظات ، بقيت نتفرّج عليه كيفاش هو مطيّش ، ميّت ، ياخي شفتو حلّ عينيه و عاود سكّرهم لمدة ثانية و الا اقلّ
دخت في امري
حبيت نصيح فيهم الكل و نقوللهم : " راهو حيّ .. رزوقه حيّ .... يا ولادي رزوقه حاااااااي ... راهو ماهوش ميت .. راهو حلّ عينيه ... "ـ
اما سمعت صوت في اعماقي يقلّي : ايه ، عاد شبيه ، ياخي الموته ما يحلّوش عينيهم ، و في ثواني ، استعرضت على روحي كل الاساطير و الخرافات و القـصص المخيفة اللي نعرفهم على الموته اللي قامو ، و قلت ماله رزوقه كيف هاذوكم ، بكل بساطة
امّا ما ارتحتش ، منظرو و هو حال عينيه لثانية او اقلّ ، ما حبّش يتنحّى من مخيّلتي ، و زاد تضخّم عندي احساس انّو اذا نوصّللهم المعلومه هاذي ، نكون تسبّبت في فرحه كبيرة لامّو اللي باقي تبكي و تقطّع في شعرها ، و خوه ، و تفرح اختو ، و ترجع كي العادة تسألني سؤالها الاعتيادي : انا مزيانه ؟ ـ
مشيت لامّي و وشوشتلها في وذنها : "راهو ماهوش ميّت ، راني شفتو حلّ عينيه و سكّرهم " .. و بالطبيعة بخصتني و نهرتني و قالتلي : امشي العب لبرّه
اللحظة اللي اكتشفو فيها الناس الكل انّو رزوقة حيّ و موش ميّت ، ما نتذكّرهاش بالضبط
القضيّة و ما فيها ، و اللي ما فهمناها كان كيف كبرنا ، و عملولنا قنوات التطهير ...... انّو الروقارات (حاشاكم) ، فيهم غازات مركّزة و متكثّفه ، بشكل انّها قد تصيب مستنشقها بالاختناق اذا ما خذاش حذرو منها ، و الاختناق هاذا يمكن انّو يأدّي الى حالات اغماء وحتّى موت . هاذاكه علاش انا قريت اللي من دواعي السلامه المهنية لعمّال التطهير، استعمال اله تتسمّى
extracteur d’air
قبل النزول في الروقارة ، باش تخرّج هاك الغازات القاتله الكل ، نقول "قريت" اما بعمري ما شفت عمّال التطهير يستعملو فيها اثناء اداءهم لعملهم ، يمكنشي ما يستعملوهاش في الحالات الكلّ ، لكن عندي زاده معلومه مفادها انّو ثمّه عامل من عمّال التطهير في و لاية سليانه على ما اظنّ مات بالسبب هاذا ، الاختناق ، و هو نفس السبب اللي زعمه رزانا في رزوقة ، و ما نلقو ما نكتبو
الحدث هاذا : الموت / الاشاعة ، ما تعدّاش
Inapperçu
في حياة رزوقه
بل كان عندو عليه تأثير كبير
موتو المفترض هاذا كان يمثّل سلاح ناجع بالنسبة ليه ، مثلا في الكثير من المناسبات كان رزوقه يتعمّد تمثيل دور الميّت الشّرير، لإخافة الصّغار قصد افتكاك لـُعـَــبـْهم منهم ، و الا قصد ممارسة الـ : "حـِــيلـَه" اثناء اللعب (الحــِـيله =الانقلاب على قوانين اللعبه) ـ
رزوقة كان يعمل كلّ شي ، مع ايّ حد ، في ايّ وقت ، و في ايّ بلاصه ، يعني يحبّ يقول : انا راهي ما تنطبقش عليّ قوانينكم يا احياء
حتّى على مستوى الـ : فيزيونومي متاعو ، رغم اللي اخواتو لخرين صحّتهم باهية و سمان ، لكن هوّ ضعيف برشه و اصفر و شاحب و ديمه مقطّب الجبين ، و كأنّها الموته الصغرى اللي ماتها و حياها ما غادراتوش نهائيا ، بل خلّت عندو بعض الشحوب .. سـْلف .. في انتظار الموته الكبرى
دايّور ، ثمّه شبه كبير بين رزوقه و بين جحا ، ديمه جحا يتميّز بعينين جاحظة دلاله على انّو يشوف كل شي ، و وذنين كبار في إشارة لأنّو يلتقط بيهم ما خفي من الوشوشات و الاسرار ، و انف كبير باش يشمّ بيه ريحة الخدعة قبل وقوعها ، و فم كبير و واسع برشه دلاله على صراحتو و وقاحتو و جرأتو ، هاذا بالإضافه لانّو جلده عالعظم في اشارة لفقرو المزمن
و صدّقوني ، لولا احترامي لحرمة الاشخاص ، كنت نشرتلكم تصويرتو اللي هي نسخة من حجا ، ممّا يزيد يضفي الطابع الاسطوري على شخصية رزوقة
و حتّى كي كبر
رزوقة الميت ما عندو حتى شي جدّي في حياتو ، و كأنّو يحب يقنع روحو و يقنع الناس في البلاد انّو هو اصلا ماهوش حيّ ، بكل ما يعني ذلك من انّو ماهوش مطالب بما مطالبين بيه نحنا الاحياء من الجديــّه
ايّ خدمة يدخللــها ، اوّل حاجة يعملها هي "خيانة المؤتمن" و السرقة ، و المسألة ديمه تتعاود ، بشكل ملفت. و تحسّـــو في الاخير يضحك على اللي خدّموه و لسان حالو يقول : ياخي بجدّكم تخــدّمو في واحد ميت ؟
التجاء رزوقه لتمثيل و تقمّص دور الميت ، كلّ ما اقتضى الامر ، هالصّنعه اللي معايشاتو من صغرتو ، خلقت فيه موهبة فنيّه كبيرة هي : التمثيل ، و هو توّ من الممثّلين الموهوبين برشه في الجهة ، لولا سوء الحظّ و الفقر اللي منعوه من التركيز على هالقدرات و صقلها و تطويرها
و عندو مواهب موسيقية زاده ، و هو الشّي اللي كان يخلق نوع من التقارب بيناتنا انا و هو ، و نتذكّر انّي كنت سعيد برشه وقت اللي رزوقه علّمني كيفية صنع اوّل "أله وترية" هاك اللي كنّا نسمّوها "قيتارة" و الا "عود" و الا اللي هوّ ، و هي متكوّنه من قطعة خشبية مسطّحة مستطيله ، تدّقّ فيها مسامر من جهتــَـيْ العرض متاعها ، و يقع ربط كل مسمار بخوه اللي مقابلو بتلّ متاع فرانات البسكلاتات اللي كنّا نلتقطوهم من السيكليستيّه ، و بالطبيعة يلزم ندخّلو لوحات صغار منّا و من غادي باش يتكبسو "الاوتار" و يعطونا الاصوات اللي حاجتنا بيها : الرنين
رزوقه الميت ، هاك الوجه المنحوت في ذاكرتي بشكليه : الميت :) و الحيّ .. اخر مرّه عملت فيها طلــّه على الحومه القديمه ، كي سألت عليه ، قالولي اختفى في ظروف غامضة
و بالفعل حتّى في اختفاؤو ... و هو حيّ .. كان رزوقة غامض ...غموض الاموات ... ـ

6 commentaires:

ART.ticuler a dit…

حكايتك ذكرتني في نكتة تقول إلي فمة سائق دخل للطريق السيارة ويسوق في سيارتو في الاتجاه المعاكس لبقية السيارات...يخرجو خبر في الراديو ويطلب من السائقين توخي الحذر لوجود سيارة تسير في الاتجاه المعاكس..صحيبنا كان حالل الراديو ويسمع ..ياخي قال :شنوة؟سيارة فقط؟؟ تي قول مئات السيارات ..هههه
ولعل رزوقة الميت يقول نفس الشيء !
من فينا الميت؟
شكرا براستوس على هذا البوست

Ashistic a dit…

حسب ما حكيت رزوڨة كان شيطان، يعني حتى حد ما يحبو، لكن كي مات الكل بكاو عليه... يمكن هو آمن اللي الميت "يعيش" احسن من الحي... لذلك قعد ميت و ركبها للعباد اللي هو ميت و إستغل زادة خوفهم الطبيعي من حالتو غير العادية...

brastos a dit…

@ ART ticuler
حلوّة النكته .. اما خطيرة .. خطيرة خاصة على كل ماهو سائد .. مفادها انّو الاغلبية موش ديمه هيّ الصحيحه



@ metallistic
بالضبط
تعاطف الناس معاه وهو ميت خقّقلو نوع من التوازن العاطفي اللي ما لقاهش و هو حيّ

très bien dit

eddou3aji a dit…

هايلة كيما العادة...حرق؟؟؟

brastos a dit…

شكرا دوعاجي

يظهرلي حرق .. لسوسه

:)

eddou3aji a dit…

هههههههههههه