vendredi 12 février 2010

رواية "المـِشرط" لكمال الرياحي : من يـُـحـْـــــِرجْ ، يـُـجـْـرَحْ


دعانا المـــــدوّن/الصـــديق دوفيتـــش مشـــكور لـــــقراءة رواية للاديب الشـــاب كمال الريــاحي(موقعوهنا)اسمـــها المـِشرط(رابط تحميلها هنا) رغم اني ننصحكم بشراءها من جهة حفاظا على عويناتكم :) و من جهة اخرى تشجيعا للادباء الشبان الجيدين
وفعلا ، انا واحد من الناس ـ لقيت روحي إزاء واحدة من أجود و أطرف و أجرأ ما قريت في الرواية التونسية

برشه افكار تزاحمت في مخي اثناء و بعد قراءتي ليها ، حبيت نلخّصهم هنا و نشارككم معايا فيهم ، و ندعوكم باش تطّلعوا عليها

اجمل ما في هذا النص ، استقاؤه من اسلوب حكي و سرد الاسطورة ، في ثورته على الاسطورة و وعي الاسطورة نفسها

يستهلّه صاحبه بارهاصات اولية للقطع مع الوعي الاسطوري (في تمرّد الطفل على تقديس شجرة الخرّوب) رغم ما كبّده ذلك من لعنة / الم كبير في "جلدته الطريّة" ـ

للاسطورة خيالها و جمالها و سلاستها و استجابتها للطفل الساكن فينا .. و لكن للاسطورة ايضا لعنتها المريرة و جُرحها إن انت القيت بحجر تزعج به ما ركد من ماء غديرها الآسن، أو تسرّبت ذراعك المزعجة الى هدوء جحرحا الرّطب

لعنة الخرافة في ان تجعل من بيتك جـُحـْرا للثعبان /الولي الصالح .. الى ان تموت مجروحــا ملسوعا ازرق

النص ينهل كثيرا من معجم الجـُرح/الحَرج/الحـَجـَر/الجـُحـْـر .. و القانون واضح هنا : من يُــحْـــِرجْ ، يـُـجـْـرَجْ

ينهل من معجم الجرح مــِشرطــَـه ... ما فعلته السّحابة بالجلدة الطريّة ... ما رسمه شورّب على وجه / قلب النيقرو... قعقعة الجماجم تحت فكيّ المخّاخ ...الاجساد الملسوعة المزرقّــّـة : لعينة الثعبان/الوليّ ... اشلاء المراة التي تحمل من المخاخ .. الوصل و الربط بين شكل و لون الجرح و بين فم امرأة القطار الملطّخ بالاحمر ... جرح الختان المنحوت هنالك

و من ثمّ ، من الم الجرح الصغير في الجلدة الطريّة .. ينعطف بنا الى تلك الجراح الكثيرة في ذلك المكان الخفي من اجسادنا

جراح العذراوات المغلقات المتعففات علنا ، المخدوعات بهالة من غبار الشرف الكاذب ، الباكيات المتألمات الثائرات سرّا
ُجراح المومسات المترهلات .. يلملمن ما بقي في اشلاء الجسد/الخُرج ، من ذكرى الانسان الذي كـُـنّـَـه

جراح كثيرة في هذا السياق .. سياق الجسد المنهك بأغلال الوهم و الجهل

الجرح ليس فقط ذلك الخرق الاحمر المفتوح في ركن ما من الجسد ، هناك جراح اخرى .. لا تـُرى .. لا تـُلمس .. لا لون لها و لا شكل .. لكنها موغلة أضافرها بوحشية في ثنايا الروح

2 commentaires:

ART.ticuler a dit…

لست من هواة المطالعة الالكترونية لكن عندما تكرم الصديق دوفيتش مشكورا ، وأرسلها لي عن طريق البريد طالعتها مرة أولى، فبحت لها بإصراري.. فاعدت مطالعتها مرة ثانية فباحت لي باسرارها.. رواية، أتساءل فقط لماذا لم تأخذ حظها من الاشهار عوض علب الياغورت و مسحوق الغسيل ؟ لن نجد أفضل من الرواية والفن عموما، أداة لغسل ملابسنا الداخلية وبتكنولوجية تونسية ؛-)

ما شدني في النص "الهبال السريالي" على طريقة اندري بروتون ..نص خارج قيود المنطق ومنطق القيود .. يعرض هوس التفكير المجرد دون ظوابط أخلاقية أو دعني أقول أخلاقوية وفي غياب كلي للمنطق .."طير ضخم ..رأسه مثل رأس بغل..له فم بشفاه غليظة،"..

لكنه لم يبخل علينا ببعض التعابير الجميلة مثل:

" الحانة كعادتها تقذف أحشاءها والمدينة مازلت مدانة وأنا في عزلتي اتدلى مثل الفانوس المحروق في سقف الذاكرة المعتوهة " أو "ومن يقرأ هذا اللعاب الحبري؟!!..كلام فارغ عن الكرة و إعلانات المشعوذين و البيع بالتقسيط"..

الرواية أسعدتني جدا لانني وجدت جملة جديدة و لم أجد تلك التعابير الثقيلة: قف شعري وجمد الدم في عروقي.. وكم كانت فرحته كبيرة.. فاغرورقت عيناه بالدموع...إلخ...بل وجدت جلمة "بليدة" وفي بلادتها تكمن نكهتها : " هندة، الطالبة بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار ، صاحبة أكبر مؤخرة في تاريخ الصحافة التونسية، هي التي حالفها الحظ...."

البعض ممن سكن أبراج الجامعة المقطوعة دائما عن محيطها ، أتخيله يتأفف من هذا النص اللاأخلاقي وهذا ما يزيد النص جمالية ..فهو نص "فيه من الخيال ما فيه من الحقيقة..."

شكرا برستوس على هذه التدوينة البنينة :-)

Dovitch a dit…

هي رحلة وعي وتمرد

تمرد على وعينا الإجتماعي إلي تهيمن عليه الأساطير والخرافات والأوهام والاعتقادات

تمرد على وعينا الذكوري إلي تهيمن عليه ثقافة الكذب وإحتقار الأجساد وقمع الرغبات

تمرد على وعينا الثقافي إلي تطغى عليه (وهذه كلمات كمال الرياحي) الموزاييك وحنبعل ودار الصحفي واولاد الحفيانة

تمرد على وعينا الأخلاقي الي يتترجم في سلوكنا من خلال علاقات مبنية على الزيف و النفاق وتتبنى الفضيلة و العفة كمعيار لسلوك دنيوي يطمع بجنات النعيم

مجرد رحلة سيريالية جميلة تدعو إلا التفكير
شكرا جزيلا براستوس على تفاعلك