mardi 28 juillet 2009

تراثنا .. بين التنوير و التكفير ، القرامطه نموذجا


عكس ما تحبّ تأكّدو المدونه التاريخية الاسلامية الرسمية ، من انّو تاريخ الدوله/الخلافه الاسلامية لم يكن سوى تاريخ النور و العدل و السماحه و الهدوء الاجتماعي و الطمأنينه ، بشكل اصبح فيه الخليفه او الامير ، بعد ما يسري على جواريه الكل و إماؤو ، و يمكن غلمانو ، يخرج للبلاط باش يلقى ناس ساجدتلو و تبارك في أوامرو اللي هو مستقيها "من "الله"ـ

قلت على عكس هاذا ،وألاللyyh فإنّو المسكوت عليه في هالتراث زاخر بالانتفاضات و الحركات الرافضة رفض كلّي او جزئي ، لاستبداد الدوله الاسلامية سواء فكريا أو اجتماعيا/ اقتصاديا

بطبيعة الحال ، التعتيم هاذا ما ينجّمش يتمّ دون تشويه هالانتفاضات و إفراغها من محتوياتها الـ"دنيوية" و الاكتفاء بتضخيم الجانب التكفيري فيها و نعتها بالزندقه و الالحاد

هيّا ، مع بعضنا ، نحلّو هالباب المسكّر متاع الحركات المنتفضة ضدّ دولة الاسلام ، و نبربشو ، و ننفضو شويّه غبرة على تاريخنا .. و على ارواحنا

في الاطار هاذا ، نحبّ كل مرّه نتناول حركه و الا شخصية و الا تيار من اللي تسمّيهم المؤسسة الاسلامية الرسمية حركات "رافضه" و الا "زنادقه" و الا "باطنية" ÷


في التدوينه هاذي نحبّ نحكي شويّه على دولة القرامطة ، اللي نشات في القرن التاسع ميلادي ، (مابين الثالث و الرابع للهجرة) و كيما تعرفو اللي الفترة هاذيكه عرفت ابرز مظاهر تفكك الخلافه الاسلامية ، عقب استبداد الخلفاء و الولاة و الامراء بالسلطة ، و تنامي الفوارق الاجتماعية الفاحشه مما اوجد حالات من التمرّد السياسي و الاجتماعي على الحكام ،( ثورة الزنج نموذجا) ، و تمرّد فكري و فلسفي على المنظومه الفكرية لدولة الاسلام ، و تشكيك ، بل احيانا ضرب لقاعدتها الايديولوجية و مصادرها التشريعية ، مما يأكّد انّو الفقر و الجوع لا يعترفان بقداسة النصوص

حمدان بن الاشعث ، شــُهر : حمدان قرمط لانّو قصير ، سليل مذهب الاسماعيلية ، اللي هي من ابرز فرق الشيعة ، كان معروف بقوّة شخصيتو و قدرتو على المحاججه و الاقناع و كثرة علاقاتو ، يعني كيما نقولو توّ ، شخصيه كاريزماتيك ، هو مكوّن هالنواة الاولى للحركه الاحتجاجية ضدّ الدولة العباسية (ايام حكم المعتضد) ، اللي بدات تنتشر بالطّريّف بالطّريّف ، بشكل عسكري سرّي ، الى ان كوّنت دولة شاسعة ، انضمّلها عدد كبير من قبائل العرب ، اهمّها و ابرزها : بنو هلال ، و شملت كامل منطقة شرق دول الخليج توّ ، يعنى شرق السعودية و البحرين و الامارات و قطر و اليمن ... و سوريا و جنوب العراق .. و تعدّات لمصر و لشمال افريقيا ، تونس و المغرب .. و اللي كانت من اهم مبادئها : المساواة الاجتماعية ، شيوع ملكية الارض ، الجميع يعمل ، و الدولة تتدخّل في كل شيء ، و لا يحقّ للدوله جمع الضرائب الا بعد ان تكون مساهمة و مشاركة في الاعمال و في الانتاج، القضاء على الفقر، وجوب تساوي الناس في الاموال و الاراضي


و كانت ابرز مظاهر انتعاش دولة القرامطة في البحرين ، بقيادة ابو سعد الجنابي ، اللي الغى الملكية الخاصة ، و ساوى بين المواطنين في العمل و توزيع الثروة ، و تقول مصادر التاريخ انّو طوال فترة حكمو ، ما بناش جوامع ، و ما عملش خطب و صلوات جمعه تدعو و تهتف بحياة الامراء و الخلفاء ، الشي اللي كان معمول بيه في مساجد الدولة العباسية اللي كانوا القرامطه معادينها


تنجّمو تطّلعو في الموقع هاذا على ملامح و اثار دولة القرامطه في البحرين هنا


و كان وقود هالدولة المختلفة المحتجّه ، الناشئه من رحم دولة استبدادية ، هم الفئات الفقيرة من العبيد ، و الموالي ، و المزارعين الاجراء و الشباب ، يعني الاساس المادي لبنية المجتمع ، و هاذي يحيلنا على اكثر من استنتاج ، و هو انّ الحركه هاذي ما كانتش فقط ردّة فعل عفية مندفعه على تردّي اوضاع اجتماعية في الوقت هاذاكه ، بل كانت لا تخلو من ملامح المشروع السياسي /الاجتماعي المتكامل ، فمّه توجّه مدروس نحو تغييرو تثوير اواصر علاقات الانتاج الاقتصادية السائده و اللي كانت ورا تفاقم الفقر و الاضطهاد

و كيما قلت لفوق شويّه ، اللي القرامطه شافو انّو لابدّ لمشروعهم السياسي من تصوّر ايديولوجي مفاهيمي ، يكون متعارض مع المنظومه السائده ، حتى و لو كانت مقدّسه و تستمدّ في مشروعيتها من السماء ، و لذلك ، تقول مصادر التاريخ (الملل والنحل، للشهرستاني ، مثلا ) اللي قراءة القرامطه للنص القرآني كانت تتميز بإعمال العقل بلا حدّ ، من ذلك نظرتهم للعبادات ، اللي قالو انّها يمكن تسقط اذا نحن ادركنا اليقين ، بمعنى ، اذا انت ادركت معنى العباده ، سقط عنك فرضها ، و ارتكزو في ذلك على الاية التاليه : "واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين"ونتصوّر اللي هاذا ينجّم يكون من الارهاصات الاولى اللي انبنى عليها توجّه كامل داخل المنظومه الفقهية الاسلامية اسمو : فقه المقاصد


بالطبيعه ما كانش ممكن لحركه كيف هاذي انّها ما تتنصبلهاش محاكم دولة الاستبداد باسم الاله ، و ماكانش ممكن لموظّفي الخلافة من فقهاء و مفتيين ، انّهم ما يرميوهاش بالزندقه و الالحاد و الدهرية ، و يتنعتو بانّهم "مذهب ظاهره الرفض باطنه الكفر المحض" كيما قال فيهم ابو حامد الغزالي ، و الا يتحطّو في خانة "الرأي الفاسد" على حدّ قول ابن تيمية هنا

-..."والمقصود ان اولئك المبتدعة من اهل الكلام، لما فتحوا باب القياس الفاسد في العقليات، والتاويل الفاسد في السمعيات،صار ذلك دهليزًا للزنادقة الملحدين إلى ما هو اعظم من ذلك من السفسطة في العقليات، والقرمطة في السمعيات، وصار كل من زاد في ذلك شيئًا دعاه إلى ما هو شر منه،حتى انتهي الامر بالقرامطة إلى ابطال الشرائع المعلومة كلها، كما قال لهم رئيسهم بالشام‏:‏ قد اسقطنا عنكم العبادات، فلا صوم ولا صلاة ولا حج ولا زكاة‏.‏"..ـ

هاذا بالطبيعه فضلا عمّا لصّقوه فيهم من تهمة اشاعة النساء ، و التشجيع على" الشذوذ" و " الزنى" و "الفسق" و "الفساد" و "الانحلال" .. فقط لتغييب الروح الاحتجاجية ، و الهاؤ الناس عن البعد الدنيوي الاجتماعي اللي كانت تتضمّنو حركتهم و اللي كان يزعزع سلطة المقدّس

يعني تصوّرو حركه كاملة ، مأسسه مشروعها، و تقاتل في الاعداء و امتداداتها الجغراسياسية ، و مركّزه برنامجها و تكتيكاتها و استتراتيجياتها علاش ؟؟؟ على "الفسق" و "الفجور" ـ .. اللي هي التهمه الكلاسيكية التّيبيك اللي يترمى بيها كلّ مختلف يتوق للتحليق خارج سّرب الغربان .. غربان الامس و اليوم ، و قطيع النعاج .. نعاج الامس و اليوم

في الختام ، و من غير قراءات انتقائية للتاريخ ، و بعيدا على الاستنتاجات الماكرة ، و الاسقاطات الايديولوجية ، ضروري نفض الغبار على مثل هالتجارب و ضروري إضاءة هالأزقّة المظلمه في تاريخنا ، و دراستها علميا و تنزيلها تاريخيا عوض الاكتفاء ، بكل كسل ذهني، باطلاق التهم الاخلاقية التكفيرية على تجربة هامه كيف هاذي .. اللي انا شخصيا نتشرّف انّي نكون ســـليلها



9 commentaires:

ferrrrr a dit…

هذا الي قصدتو وقت ما قلت تدوين آخر ممكن، تدوين يسيب المدونين و يشد التدوين موش العكس

ART.ticuler a dit…

لست ادري لماذا نعمل دائما على تجميل التاريخ؟ سواء القديم أو المعاصر..
هل هي عقدة النسب؟ أم ألشعور بالنقص تجاه تاريخ لم نعد جزء منه ؟
تدوينة ممتازة وتمثل الرد الراقي على هلوسة خفافيش هذا الزمن الأغبر

citoyen a dit…

المشكلة في أن المنادين أو المتمسكين بالتراث يريدون تراثا على قياسهم .وأعني تراثا نقيا ومجردا من تراث الذين قاوموا الفكر البدوي الآتي من صحاري شبه الجزيرة العربية.فالعروبي الإسلامي اليوم يهجم على خصومه الفكرين ناعتا إياهم بالمنبتين والمتغربين .مظهرا اعتزازه وأصالته بتمسكه بتراثه.في حين لو أن لمثل هؤلاء القليل القليل من المعرفة لأدركوا أن الجزأ الأكبر من التراث الفكري والمعرفي ليس في صالحهم وحجة ضد مشاريعهم الحالية.وهي المشاريع التي مرجعيتها الجزء البائس من النراث الذي يهيمن عنه حجتهم ابو حامد الغزالي وابن تيمية وورثتهم القرضاوي وابو الأعلى المودوي .

brastos a dit…

@ ferrrrr

ارياقنا شاحت و اصواتنا بحّت من هالدعوة هاذي .. يا بشر .. يا ناس .. يا هوووووه .. يا معشر قريش .. يا معشر الجنّ و الانس ... يا اولادي سيبّو الاشخاص و تحاورو مع المضامين و المحتويات



@ art ticuler

ماهو لاننا لا نعرف من تاريخنا سور ما يراد لنا ان نعرفه .. بالتالي ... نحن نجهل تاريخنا



@ citoyen

هاذي زيارتك الاولى للمدونه
مرحبا بيك
فعلا .. ابرز التهم اللي تتوجّه لايّ فكر نقدي متنوّر هي الانبتات في اطار الهلوسات التآمرية ،
و كانّ الفكر الاسلامي هو اصل الصفاء و النقاوة ، و الاخرون متربّصون به قصد تلويثه
من الايجابي اثبات انّ التنوير هو حتما جينه حتمية ، داخل المنظومه المظلمه الظلامية..ينبغي فقط البحث و النبش عنها

عياش مالمرسى a dit…

هاو التدوين ولاّ لوّح، شهيتني باش نكتب عالتاريخ.. حلوّة كان نعملوا خط أفقي للأقليات الفكرية المنسية أو المتناسية في التاريخ العربي، خط أفقي يمتد ملّي قالوا لا لمحمّد كي جا، للأفكار العلمانية متاع القرن العشرين، و بالطبيعة مش الاحتجاجات الفكرية الفلسفية برك، أما الاحتجاجات السياسية الاقتصادية كيف ما عملت انتي توّا.. شكرا جزيلا براستوس

Ghoul a dit…

لو أٍٍِِلزم علينا الرجوع الى الوراء كم نتمنى أن يكون رجوعا الي التاريخ لفهمه وتحليله ونقده لعلنا نفهم كيف آل الحال بنا الى ما نحن عليه الآن

Khanouff a dit…

Très instructif.
http://tnkhanouff.hautetfort.com

Big Trap Boy a dit…

من الضروري جدّا نزع الهالة الملائكيّة التي غالبا ما تتمّ إحاطة التاريخ العربي والإسلامي بها، هذا أمر لا مفرّ منه لفهم التطوّرات الحاليّة والمستقبليّة، ولكن الإشكال هو أننا لا نكاد نسمع تاريخ المسلمين والعرب سوى من أقلام وأفواه رجال الدين والدعاة الجدد

brastos a dit…

فعلا يا بيغ ، و ذلك نتيجة للتعتيم اللي وقع على عدة احداث وقعت و قضايا تثارت ، و نتيجه زاده للانتقائية اللي وقه التعامل بيها مع التاريخ وفقا لمصالح الحكام من خلفاء و
ملوك
كذلك نتيجة الاتلاف اللي كان مصير مجلدات و مجلدات هامه
مثلا انا متشوّق ياسر لاكتشاف التراث الشعري الهجائي اللي تقال في رسول الاسلام ، اللي نتصوّرو تراث لا يخلو من صور و معاني ادبية و شعرية فيها ابداع و مجهود فكري
ويني ؟؟؟
يبقى انّو التسلّح بادوات تحليل اقرب ما يمكن للعلمية و للدقّه ، هوّ اللي يفتح المجال لايتنطاق و استقراء ما أريـــدَ إخفاؤه حتّى و لو وقعت روايته من طرف الافواه اللي انت حكيت عليها
و في الاطار هاذا تجي مثلا كتابات الجابري .. مروّة .. جعيّط .. و غيرهم