vendredi 21 novembre 2008

ايّهـــا الشــّـــعب

يا من تتحمّسون كثيرا اثناء دفاعكم عن مقدّساتكم .. في الخمّارات ، بعد ان تستبدّ بكم جعتنا الممتازة : السـّلتـــيا

يا من تشترون خروف العيد و اكسسواراته من السواطير و الفحم و الشوّايات .. و .. كذلك من قوارير المرناق و الشّــاتو..و تعيدون على مسامع ابنائكم المغزى من ذبح ابراهيم لاسماعيل ، في الصباح ، و تتقيّؤون الخمرالرديء في المساء

يا من تشمئزّون ممن يقـطف قبلة من صديقته على مقعد انتظار في محطة القطار مساءًا ، و لكنكم عند انفرادكم بانفسكم ليلا ً ، تغتصبون زوجاتكم ، أو تغرقون في جنس الفضائيات .. جنس الانترنات .. و بعد ذلك تقبّــلون أنفسكم في المرآة

يا من تملؤون هواتفكم النقــّاله بالستين حزب ، و المعجزات التي تضحك بها عليكم برمجيات الفوتوشوب ، جنبا الى جنب مع الفيديوات البورنوغرافية

يا من تزوّقـــون جدران منازلكم بالمعلقات الجدارية : "الله" ... "محمد" ... "حسبي الله و نعم الوكيل" ... "عليه توكّلت" ... و تتوكّلون عليه فعلا و انتم تناشدون ، او... وانتم يـُـناشــَـدُ باسمكم

ثم بعد ذلك ينتصب بعضهم محتجّــًا عمّا أسماه : مسّا من المقدّسات

كيف لا انتقد مقدّسات لا يحترمها اصحابها انفسهم ؟؟؟

ما معنى احترام المقدسات ؟؟. هل تريدون - مثلا - ان يقــول الملحد ما يلي : انا ملحد بالله عزّ وجلّ ؟؟
و أن يقول إنّالقرآن من وضع الرسول صلى الله عليه و سلّم وبمساهمة الصحابه رضي الله عنهم؟؟؟
و أن يقول إنني ضد تطبيق شريعة الاسلام السّمحاء ؟؟؟؟
و أن يقول أنا علمانيّ بإذن الله ؟؟؟؟؟؟؟؟
و غيرها من الجمل التي لا تستقيم

لماذا لا نضع النقاط على الحروف ؟؟

أن يكون المرء ملحدا ، في ابسط التعريفات ، هو ان يكون قد تخلّص من اعتماد الاسطورة و الغيب في تفسير ما يحيط به .. ممّا ينشأ عن ذلك من أسلوب كامل في الحياة

ما هذا الربط العشوائي و الخلط الغبي بين الالحاد كنسق فكري/تاريخي و بين بعض القيم الاخلاقوية (خمج، انحراف ، فسق ، تزبريط ، انحلال ) ؟؟؟

ما هذا ؟؟؟؟

تلك الاصوات التي ترتفع من حين لآخر منادية باحترام المقدّسات، كان من الممكن إنصافها ، و إعطاؤها مطلق الحق ، إن هي أيضا ارتفعت معبّرة عن احتجاجها على نعت اللادينيين ، بكافة اطيافهم ، بالـ "فسق" و الـ "خمج" الخ ... بنفس العنف و بنفس الحدّه و وبنفس الحماس الذي ترتفع به محتجة على "المسّ من المقدسات" و بنفس الغيرة على هذا الـ "تعايش السلمي" المنشود

ها إنّي أعلنها : أنا ضدّ المسّ المجاني من المقدّسات الدينية
و لكن
لنتّفق أوّلا ما المقصود بـ "المسّ من المقدّسات" ؟؟ ـ

هل عندما أقول إن الاله .. أيّ اله كان - في اعتقادي- لا يخرج عن دائرة الخرافات و الاساطير ، و إنني قادر على صياغة تصوّري للعالم و للتاريخ و للعلاقات البشرية بمنأى عن تصوّر الألهة ، أو الناطقين على لسانها .. هل يعتبر هذا مسّا من المقدّسات ؟؟ ام يعتبر بسطا لاسباب الحادي ، وموافاة قارئي و سامعي بالتمشي الذي قادني الى هذه النتائج ، اقلّها ، حتّى لا أُنعـَت بانني ملحد فقط لانزع عني ثوب الاخلاق الدينيه ، و ضغط المحرّمات ، و امارس "انحلالي" و "فسقي" بكامل التحرر .. و هو الاتهام المعتاد ، المكرور لحدّ الملل ، الذي عادة ما يلجأ اليه كل اولئك القساوسة المقنّعين الذين يريدون اختزال " الالحاد" في دائرة ضيقه من "الاخلاقيات البسيطه"

أنا ضدّ المسّ المجاني من المقدّسات الدينية
و لكنّـــني
ضدّ أن تُعـَـدّ لي مقبرة جماعية لأ ُدفــَـن فيها أنا ، ابن هذا العصر ، عصر الثورة الرقمية ، التي بمقتضاها يمْكـنــِـنـُـك بلمسة خفيفة ، لطيفة ، ظريفة .. على زرّ يكاد لا يـُرى بالعين المجرّده أن تدمّر العالم ، مع "ابو جهل" و اصدقائه من تجّار و ملاك قريش من أعضاء مجلس دار الندوة اين كانت تقرّرُ مصائر العرب ، و مصائر الاقلّية المسلمة آنذاك( هذا لمن ينتشي دائما باستعمال مصطلح : الاقليات اللادينية)ـ ، لا لشيئ إلا لانّنا .. انا و "ابو جهل" "مشركيـْن" ؟ هكذا ... بكل تنكر لتراكمات الفكر البشري ، و بكلّ تجاهلٍ جاهلٍٍ لارهاصات التنوير في تراثنا ، و بكلّ حدّيّة و اطلاقية وأحاديّة ، و بكلّ تغاضٍ خطير عن أحد اهم مكونات الحريات الشخصية : حرية المعتقد

أنا ضدّ المسّ المجاني من المقدّسات الدينية
و لكنني
ضد ان يقع التجسس و التلصص على ما امزح به مع احد الاصدقاء حول تذوّق نوع جديد من النبيذ ، و مفاجأتي بإشهار سيف الاخلاق الحميدة الكاذبة في وجهي ، سيف تمسك به يـَـد يعلم الله او يعلم بوذا بماذا كانت تمسك ، و أين كانت موضوعة قبل ان تشهر هذا السيف .. سيف الرفعة الاخلاقية الكاذبه ، و التقوى المـُـمَـسرَحه ، و "النهي عن المنكر" ـ

أنا ضدّ المسّ المجاني من المقدّسات الدينية
و لكنّـــني
ضدّ ان أ ُنعت بالـ "فاسق لمجرد انني استسغت نصّا ادبيا يصف نهدا مكوّرا ، أو ا ُنعَت بالـ "منحرف" لانني دعوت الناس الى قراءة قصيد ، او حتى مشاهدة صورة لجسد جميل ، فهل انا مطالب مثلك ، بالتعالي على جسدي ، و ذلك بتركيب اجنحة ملائكية بيضاء على اكتافي مثل ما تفعل انت ـ(علنــًـا بطبيعة الحال)ـ ، و ألغي جسدي مثلما تلغيه (علنــًـا بطبيعة الحال) أ ُلغيه ممّا اقرا ، أ ُلغيه مما اكتب ، مما ادعو غيري الى قراءته ، مما ادوّن؟؟ـ
ماذا يعني إلغاء جسدي من وعيي .. سوى موتي .. ؟؟

أنا ضدّ المسّ المجاني من المقدّسات الدينية
و لكنّـــني

ضدّ ان اوصَـف بالـ "زبراط" ، وأوضع في نفس الجدول مع مدمني الكحول من الفئات الرثــّه ، فقط لانني عبّرت و تحدّثت عن تناولي لمشروب من مشروباتي المفضّله ؟؟؟ـ سواء كان "بيرة" .. او حتى "تيزانا"
لافرق عندي بين جرعة ماء تنزل بردا و سلامـًا الى شرايين جسد انهكه العطش / و بين جرعة بيرة تصعد دفئا و وئامـًـا الى ثنايا دماغي لتجعلني ارى الاشياء اجمل .. و لو للحظات . أو بين كأس من النبيذ الجيد ، المرافق لعشاء رشيق ، كأس لا يفوقهــا صحيّن الترشي أو الزيتون المخلل لذّة و حموضة مستتاغة ، لا تزيد فقط من شهيّتك للاكل ، بل أيضا من شهيتك للحديث الجميل و الاستماع الجميل و لبسط الاسارير

(ـ(أخشى ما اخشاه ، ان يتأثّر بعض "الفروخ" بهذا الوصف ، فيدمنون النبيذ دون ضابط ، وأ ُتـّـَــهـَمُ بعد ذلك بتهمة : التغرير بقاصر :) ـ
أنا أشعر احيانا بالحاجة الى هذا .. بالجوع الى هذا .. بالعطش الى هذا .. و ليس لديّ ما يمنعني عن فعله .. فما الذي يمنعني عن قوله ؟؟؟

لنترك الاخلاق جانبا

أنا ضدّ المسّ المجاني من المقدّسات الدينية
و لكنّـــني
ضدّ أن أوصف بالدجّال و الزنديق لا لشي سوى لانني اعتبر نصّك المقدّس ، نصّا تاريخيا و أخضعه للبحث و التقصّي و الدراسة و النقد ، أو أن أوصف بالمستهتر لانني احاول اقتحام المناطق المظلمه المجهوله في هذا التراث ، الذي يدعي هؤلاء ملكيتهم الحصرية له ، تلك المناطق الموؤوده ، المختنقه بستائر التعتيم التي اسدلتها عليها الفئات الحاكمة عبر كل هذا التاريخ بمعيّة كهّانها و جلاّديها


أنا ضدّ المسّ المجاني من المقدّسات الدينية
و لكنّـــني
ضدّ رسائل التهديد و الوعيد التي ما انقطعت تلك الجماعات عن توجيهها لأصحاب العقول النيّرة ، و كل ذنبهم في ذلك انهم كانوا مفكّرين مختلفين ، و ذلك بطبيعة الحال تحت عنوان :".....أشِدّاءُ عَلىَ الكــفّار رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ...." .و غيرها من الايات التي ما إن يصيح بها أحدهم ، حتّي ترتعش اللّحي الصفراء ، و العمائم السوداء ، و تنتصب الانياب العفنه ، مستثارة برائحة الدم ، مستحضرة مشاهـــد الرؤوس المدقوقه المرشوقة على الرماح ، و الإبل المحشوشة الأرجل ، و القمصان و المصاحف الملطخّة بالدماء ، و السيوف المسمومه المنهالة على الرؤوس فجرا

أنا ضدّ المسّ المجاني من المقدّسات الدينية
و لكنّـــني
ضدّ ان احمل على كتفيّ صليبك انت ... أنت اخترت أن تموت داخل نسقك الشموليّ المتحجّر ، الذي إن انت سحبت منه فرعا صغيرا جفّ و مات بأكمله ، لا تصدّر موتك لي .. لا تحمّلني وزر اختيارك للموت و تمنعني من الحياة و حبّها و عشقها .. عشقها حدّ الموت من أجلها
ضدّ ان تـُثـْـقـلـــَـني قسرًا بيقيــنك ، و تلزمني به ، و تـُحِلَّ سفك دمي إن أنا فكّرت ، بدعوى أنّ في تفكيري "مسّ من مقدّساتك" ـ

لنتعايش في البلوغسفير كما في الحياة على مبدأ لكم دينكم و لي ديني
أوكي
و لكن ايضا .. على مبدأ لكم دنياكم و لي دنياي

9 commentaires:

subjectif a dit…

نصك رائع روعة الحياة روعة المنطق روعة زجاجة بيرة باردة والفصل صيف.انتشيت بقراءة ما كتبت و انا اشاطرك الراي و ادعو ان يكون مقالك ارضية انطلاق لكل حوار

Anonyme a dit…

Bravo!!!!!
Rien a rajouter

Anonyme a dit…

! و نِعْمَ القول. ببساطة... رائع

eddou3aji a dit…

زايد معاك يا براستوس... هايل هالبوسط

ART.ticuler a dit…

عبرت فابدعت، و أوضحت فبينت..وسكبت نبيذا من الكلمات فنشوت... بعد إذنك أريد أن اكتب هاته الجملة التي وردت في حديثك على مدونتي بالاحرف العريضة:
"ماذا يعني إلغاء جسدي من وعيي .. سوى موتي .. ؟؟"
حقيقة رائع برستوس..

ferrrrr a dit…

B R A V O!!!!!!!!

Anonyme a dit…

تحياتي براستوس لتلك المقالة التي تقطر
وعي ونور

يريت يجي يوم ونشوف شعب تونس بصورة عامة

يدب في طريق الاخلاق العالية والؤصول النبيلة

احيك من جديدآ

Mani l'Africain a dit…

نبصم بالعشرة على هالمقال الطيارة !!!!

brastos a dit…

ملاحظة لجميع الاصدقاء
آسف على الرد المتأخّر بسبب مشكلة تقنية كانت تشكو منها المدونه

مرحبا بيكم و شكرا ليكم



@ mani

هههههه .. حلوّة ياسر "نبصم بالعشرة" ـ